.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

نجية الشياظمي تكتب/ حتى لا ننهار

تشتد علينا نوائب الدهر فنخال الحياة بؤرة نار ملتهبة ، يتناثر شررها حتى يكاد يلمس وجوهنا و أعيننا ، نتوقف خائفين لا ندري أين المفر. نبحث عن ملجأ نأوي إليه لعله يحمينا ، او لعلنا نستأنس به قليلا ، إلى حين هدوء العاصفة . يتوقف التفكير ، نحس بشلل يعتري أدمغتنا و كل أطرافنا. نتأمل الموقف قليلا ، ثم ما نلبث أن نستعيد الذاكرة ، أن نحدد الزمان و المكان . أن نعود إلينا... إلى ذواتنا . فنتأكد أننا لم نكن كذلك فيما مضى ، ربما الموقف أخطر مما كنا نتوقع ، أو لعلها القدرة لم تعد تسعفنا كما كانت سابقا . نحن لازلنا نحن ولكن شيئا ما قد تغير بداخلنا ، أصبحنا نرحب بكل مقبل علينا ، خيرا كان أم شرا ، تعبا كان أم راحة ، فلا مفر مما تقدمه لنا الحياة ، سنرى في كل محنة منحة و دروس كان لا بد منها .
تأتينا الدروس دون سابق إنذار ، تصفعنا كي نصحو من غفوتنا ، تأتي على حين غرة ، لا تطرق أبوابنا و لكنها تنتزع الأبواب من مكانها ، تحسسنا بالرعب ، و مع اننا كنا منذ زمن قريب ننادي و نردد "كونوا أقوياء و لا تستسلموا ، لا تخافوا فكل شيء عابر " لكننا حينما نود أن ننادي أنفسنا، لا نسمع أو أننا نسمع و نتجاهل ، نحتاج نحن أيضا في غمرة مخاوفنا و أحزاننا إلى من يرشدنا يشد على أيدينا، يشجعنا ، يقوينا حتى لا نسقط .
و من جرب السقوط يعلم جيدا ،أن القيام و النهوض من جديد ليس بهين. هل جربت أن تسقط أو تكون على وشك السقوط ؟ لكن يدا خفية و قوية جذبتك و آوتك إلى شاطئ النجاة . هل جربت أن تحس أن كل قواك على وشك الانتهاء ؟ كبالون مملوء بالهواء يفقد حجمه كل دقيقة و يصبح أقل و أصغر.  هل جربت أن تأوي إلى فراشك و كلك هلع و رعب من يومك الأسود ، تظن أن لن يغمض لك جفن ، لكنك تنام قرير العين و ملأ جفونك رغم كل شيء ، و مندهشا تفتح عينيك صباحا لتتساءل هل تغير شيء من ذلك السواد الذي نمت عليه و كان آخر عهد لك بالدنيا ؟ هل جربت أن تنادي بكل قواك "يا الله " ثم ما تلبث نفسك أن تطمئن و تأمن من كل ما كان يخيفها . قوة رهيبة تعتريك أليس كذلك ؟ نعم إنها أقوى قوة في هذا العالم الضعيف و التافه. نستعيد القوة و الحياة و الأمن و الأمان في لحظة كنا على وشك الانتهاء و الهلاك . هكذا نصبح أقوى أنجح مما مضى نرمي عنا كل تلك النسخ الباهتة الضعيفة التي أصبحت لا تناسبنا أبدا. هكذا نكتسب القوة و الصمود و الثبات ، ثم ما نلبث أن نشكر كل تلك الظروف الذي ساهمت في وصولنا إلى ما وصلنا إليه. 
وهكذا تمر بنا الحياة وفي كل مرة اختبارات جديدة ، وكأنها تود أن تخبرنا ألا مكان للجبناء والضعفاء على متن سفينتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق