بحث
القديم أثمن أم الجديد؟..د/نجية الشياظمي
جلست أتأمل في ملامح تلك المغنية التي لم تبلغ الشيخوخة بعد ، لكن ملامحها الأصلية أصبحت باهتة ، حتى أن من لم يتعرف عليها في شبابها لن يستطيع التعرف عليها الآن ، و ذلك من كثرة عمليات التجميل التي خضعت لها ، استغربت حينما تذكرت تلك الزربية الصوفية التي أهدتنا إياها جدتي ، و التي كانت قد أوصتنا بالاحتفاظ عليها ، نظرا لقيمتها المادية و المعنوية فهي مصنوعة من الصوف الخالص الطبيعي ، بالإضافة إلى ألوانها اليانعة و المصنوعة و المستخلصة من النباتات ، كما أنها نسجت منذ مدة طويلة و لها تاريخ مجيد . فما الذي يجعل الإنسان يحس بالدونية و العار كلما تقدم به العمر و علت ملامحه التجاعيد ؟ كيف نحس بقيمة الأشياء التي كلما مر عليها الزمن زادت قيمتها ، و علا ثمنها ،حتى أن هناك مزايدات تقوم على اقتناء تحف تاريخية كالكراسي و أثاث البيت و غيرها لم يعد لها شبيه و لن يكون لها ، ما سبب إحساس المرء و خصوصا المرأة بضعف التقدير أولا من نفسها و ثانيا من الآخرين ؟ هل من الضروري أن يحنط الانسان نفسه و يخضع في كل مرة للموت و الخطر لأجل الحصول على الشكل الذي يرضي الآخرين ؟ ألسنا في حاجة إلى تأمل ما نقدم عليه في كل مرة ، و ما تقدم عليه الكثير من النساء بل و حتى الرجال أيضا من أجل الحصول على إعجاب الآخرين ؟
في الحقيقة الجمال جميل ، لكنه لا يدوم و حتى عمليات التجميل لها صلاحية مؤقتة ، بالإضافة إلى مدى الألم و الأذى الذي تلحقه بأصحابها . لكل مراحل العمر جمال خاص ، فجمال مرحلة الطفولة يختلف عنه في مرحلة الشباب و عنه أيضا بعدها . ما أجمل أن نكون راضين عن أنفسنا، بدل أن نمارس عليها ما تلقيناه في صغرنا من قهر و تنمر و نرجسية ، ما أجمل أن يحب المرء نفسه في كل مرة يرى فيها وجهه في المرآة ، ما أجمل أن يرضى و يسعد بتلك النعمة الربانية التي وهبه الله إياها .
في كل منا مسحة جمال مختلفة عن الآخرين يكفي أن نقدرها و نحب أنفسنا بها و نقدر الجمال الخارجي و نسعى للجمال الداخلي الذي لا تنفع معه عمليات و لا مساحيق ، سوى الأخلاق و القيم النبيلة .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق