سنظل نتساءل عما إذا كانت الأسرة هي سبب تقدم المجتمع ، أم أن تقدم المجتمع هو سبب تقدم الأسرة ، حلقة مفرغة يطول الدوران داخلها دون الوصول إلى الجواب المطلوب . في واقع الأمر هما حلقتان مترابطتان كل الترابط ، و لا يمكن الفصل بينهما و لا تطور و لا تقدم لإحداهما إلا بالأخرى . لذلك فإن البناء الدقيق التصميم و الفائق التناسق و الجمال لا يمكن أن يتم إلا من خلال اللبنة الأولى للبناء ، و لأن اللبنة الاولى للمجتمع هي الأسرة و لأن أساس الأسرة هو الفرد ، فإن صلاح كل فرد هو ضمان صلاح الأسرة و بالتالي صلاح المجتمع . و ها قد عدنا إلى أساس تقدم المجتمع ، عدنا إلى الفرد الذي يكتفي بلعب دور الضحية و الشكوى مطالبا بحقوقه قبل أن يقوم بواجباته .
مجتمعاتنا أصبحت تعاني كثيرا من تدهور و تفكك العلاقات الأسرية و من تدهور مستوى التربية . التربية التي لا استقامة لشيء إلا باستقامتها و اعتدالها . لن يغمض لنا جفن و لن نعرف الراحة وسط كل هذه الفوضى ، أولياء مشغولون و منشغلون عن دورهم الأساسي دور الحامي و المدافع و الراعي لفلذات أكبادهم من كل انحراف أو ميل عن الطريق الصحيح . و أبناء تائهون يهيمون على وجوههم ، و رغم وعي الأهل بالحقيقة إلا أنهم يتجاهلون الأمر و كأنهم يقتلعون المشكل من جذوره لمجرد غض الطرف عن المشكلة ، في الوقت الذي تزيد فيه الأمور سوءا و فظاعة ، فاولياء الأمور تخلوا عن واجبهم ، و المدرسة عجزت عن لعب دور أولياء الأمور ، و الأقارب و الجيران وقفوا كمتفرجين فقط في الوقت الذي كان فيه الكل يتعاون و يتضامن و يشد عضد بعضه البعض في سبيل استقامة الكل ، لأن انكسار حلقة واحدة من هذه السلسلة يؤدي إلى ضياع كل السلسلة ، فهلا عدنا إلى استعادة السيطرة على الأوضاع ، و هلا قمنا بالواجب المطلوب منا في سبيل الحفاظ على أغلى أمانة نتحمل مسؤوليتها ، أبناؤنا . سيتحجج الجميع بعدم توفر الوقت الكافي ،و بأمور أخرى قد لا تكون جوهرية في الموضوع ، دعونا نذكر بعضنا أن الوقت لا يقاس بكميته بقدر ما يقاس بجودته ، فالقدر القليل منه يوميا في تفقد شؤون الأبناء سيكون له الأثر الأكبر في تحسن الأوضاع ، كما أن المحبة و الحب المتبادل بين أفراد الأسرة هو البلسم الذي يداوي و يلطف كل الجروح . تفقدوا أبناءكم و داووا جروحكم بالمحبة و التسامح ، لن نحقق المدينة الفاضلة لكننا سنصبح أفضل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق