.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

المتسامحون..بقلم د.نجية الشياظمي

لماذا يطلبون من الناس أن تسامحهم و هم يعلمون أنهم لو سامحوا سيٌسامَحوا !!!
تأتينا في الكثير من الأحيان رسائل على هذا الشكل ، رسائل يطلب أصحابها الصفح و الغفران لأنهم ارتكبوا في حقنا أخطاء فظيعة يخافون من عقاب الله لهم عليها ، أليس من الأَولى إذن أن نسامح كل من نظنهم أساءوا إلينا حتى يسامحنا الله ، فكلنا نعلم و نعرف تلك القصة التي سمعنا عنها في الأثر بخصوص ذلك الصحابي الذي  كان من المبشرين بالجنة _و كلنا نعرفها طبعا و علينا تذكرها _ حتى أن أحدهم اشتد فضوله لأجل معرفة سر تلك البشرى و التي يتمناها كل مسلم ، فطلب من المبَشر بالجنة أن يستضيفه لثلاثة أيام ، و فعلا حصل له ما طلب ، و ما كانت غايته من ذلك إلا للإطلاع على ما يتميز به ذلك الصحابي المبشر بالجنة من أعمال مميزة جعلته يحظى بذلك الفوز العظيم . لكنه و على مدى تلك الأيام الثلاثة لم يلاحظ أي أعمال إضافية عظيمة  يقوم بها ، فقد كانت عباداته كلها عادية و تشبه باقي الناس الآخرين ، و بعد أن تأكد من ألا شيء ظاهرا يتميز به هذا الأخير ، صارحه بحقيقة طلب استضافته له ، فما كان من ذلك الصحابي الجليل إلا أن أخبره أنه فعلا لا يكلف نفسه بأكثر مما يقوم به باقي أصحابه إلا بشيئ واحد فقط ، ألا وهو أنه كلما آوى إلى فراشه سامح من قلبه كل الناس و أسر إلى خالقه بذلك ، و كان هذا هو سر تميزه و اختلافه و بالتالي فوزه و حصوله على البشارة بالجنة . 
كثيرا ما نطلب من الآخرين القيام بأمور يتوجب علينا نحن القيام بها لكننا نوكل تلك المهمة إلى الآخرين بأن يقوموا بها بدلا عنا . فيا ترى ما السبب؟ أهو التكاسل ؟ أم التكبر ؟ أم التواكل ؟أم كلها مع بعضها ؟
كثيرا ما يكون التعود على أمور سيئة سبب التوقف عن الأمور الجيدة و سبب التأخر في الإقدام عليها ، و قد تعود الناس دائما على انتظار المبادرة من الآخر ، على الآخر أن يبدأ أولا ، هكذا تعودنا أن نشاهد و نسمع هذه المواقف المتكررة ، فكل منا  يتهرب من اتخاذ المبادرة خوفا من الخسارة ، فكلنا نبحث عن الربح بأقل مجهود و تكلفة . بل أن منا من يعتبر مبادرته نوعا من السذاجة و قلة الذكاء ، في الوقت الذي يمكن أن تكون فيه تلك الخطوة اهم خطوة في طريق التغيير للفرد و المجتمع معا في وقت واحد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق