.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

كل حب وأنتم طيبون..بقلم د.نجية الشياظمي

سيبقى يوم ١٤ من شهر فبراير من كل عام حاضرا كعيد للحب لكل العشاق و المحبين ، فهل سيبقى الحب أيضا حاضرا ليكون ضيف الشرف لهذا العيد ، و يكون الشاهد الأقوى و المسؤول عن كل الوعود التي تبادلها كل من سمح له قلبه أن يخصص حيزا خاصا لمن أحب من كل قلبه ؟
أصبحنا نخاف من التكنولوجيا فقد افسدت علينا كل مظاهر الحب و التي كانت لشدة بساطتها توحي و تشي و تعبر عن قوة
ذلك الذي جمع بين طرفين عبر لقاء خطط له القدر قبل أن يخطط له هما معا ، ليجد كل واحد نفسه مشدودا للآخر ، تائها مسحورا و مشتت الفكر و الأفكار ، و يجد أن كل ما كان يسعد قلبه قد أصبح لا شيء أمام رغبته الوحيدة في رؤية حبيبه و التواجد بقربه و الشكوى له من كل ما يوجع تلابيب وجدانه الذي أصبح عليلا ، بعدما أصبحت روحه رهينة و مربوطة بمن أحب . 
و بعد أن كانت الزهور و الورود تشكل باقة حية تعبيرا عن الحب الحي ، أصبحت مصنوعة كي تدوم أكثر ، في الوقت الذي أصبح يدوم فيه الحب أقل ، لا لسبب سوى أن التكنولوجيا لعبت دور الشيطان كي تفسد على العشاق لحظات الوله التي كانوا يحلمون بها كي يجدوا أنفسهم أمام تهم متبادلة : فهذا لا يتوصل بالرد السريع على رسائله من حبيبته و التي بعثها على الواتس أو الفيس أو أي وسيلة أخرى من وسائل التواصل ، في الوقت الذي يراها متصلة منها بغيره لكنه لا يعلم مه من ، فيحترق قلبه غيظا و كمدا و يقرر مخاصمتها حتى دون أن يتأكد من شكوكه ، بل و عقابها أيضا بما يراه مناسبا كي يرد الصاع صاعين ، و ليس هناك عقاب للحبيبين أخطر و أقسى من التجاهل ، في الوقت الذي يبقى فيه كلا الطرفين في نار و حيرة و عذاب بعد أن كان الحب الذي يجمعهما هو سبيل السعادة الوحيد و الذي وعدا بعضهما به كي يكون العوض عن كل ما مضى فيصبح الحب جحيما ، تتناثر شرارات جمره كي تنتشر بين جل المحبين مرددين معا أن الغدر أصبح سمة العصر و أن الوفاء انقرض مع ما سبقنا من أجيال .
و الكثير الكثير من القصص التي تتكرر بين نواح البعض و انتقام البعض الآخر و هذا كله لأجل الحب الذي أصبحت أنفاسه تختنق ، و كأنه أصابته العدوى هو أيضا من كوفيد ١٩ الذي حرمنا اللقاء و العناق ، و فرض علينا الأقنعة التي أخفت ملامحنا الحقيقية ، فاحتل البعد و الجفاء علاقاتنا ، و أصبحت أكثر برودا ، و ليس لنا مبرر سوى هذا المرض اللعين ، في الوقت الذي كان من المفروض أن ينتصر فيه مرض الحب ، و تشمل عدواه كل البشر ، ما بين حب الخالق و حب الأهل و الأبناء و الأصدقاء و الجيران و كل من هو من فصيلة البشر بل و حتى من غير فصيلته ، ففي النهاية تواجدنا على نفس الكوكب يفرض علينا ذلك الإحساس الذي يوحد القلوب و المصالح . 
أتساءل مرة أخرى و كلي خوف من أن نجد أنفسنا يوما ما نتكلم عن عيد الحب و كأنه مجرد ذكرى كما نتكلم الآن عن اختفاء العديد من الحضارات و العديد من المخلوقات مستغربين و غير قادرين على تخيل تلك الحقبة من الزمن و التي أصبحت مجرد ذكرى بين صفحات الكتب لا غير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق