.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

في اليوم العالمي للإذاعة..بقلم د.نجية الشياظمي

الراديو ، هذا الجهاز الغريب الذي غزا البيوت قبل أن تفرض الصورة و التلفزة وجودهما ، كم كان إنجازا كبيرا حينما كان الصوت يتردد عبر آلاف الأميال و الذبذبات كي يصل إلى مسامعنا ، نحن جيل جهاز الراديو و الإذاعة ، كبرنا معها و بها و بما كانت تقدمه من معلومات و أخبار و برامج توعوية و علمية في جميع الميادين و من مختلف البقاع الأرض و خصوصا العربية منعا و حتى الأجنبية ، كنا ننصت بشغف لما يتردد من خلالها ، و ما كان يشد انتباهنا أكثر ذلك الصوت الرخيم و الذي كنا لا نتمكن من رؤية صاحبه او صاحبته ، فكان يخيل إلينا أحيانا أن هناك من يسكن داخل ذلك الجهاز كي يمدنا بما يمدنا به من برامج و أخبار ، لكننا اليوم أصبحنا نرى تلك الأجهزة مجرد تحف مزينة ، تحتل أحد أركان البيت و كأنها تود إلا أن تثبت وجودها و تذكرنا بصدارتها في زمن من الازمنة الغابرة ، حينما كان للإذاعة دورها الفعال في تعليم المجتمع و الرقي بأفكاره و قيمه . و ها قد احتل العالم الرقمي حياتنا فأصبح كل شيء رهن اليد و الإشارة من صاحبه بعدما كنا ننتظر بالساعات لحضور برامج معينة كالسهرات الأسبوعية ، أو مسلسلات رمضان الدينية و التي لا يعلم عنها جيل هذه الحقبة شيئا .
كم كان شوقنا و شغفنا يزيد حينما كنا  نتحلق جميعا حول أحد الأجهزة كي نسمع ما تجود به علينا دور الإذاعة من إنتاجاتها الأدبية و الفنية . 
و في هذا الوقت الذي يتقن فيه أبناؤنا كل الأدوات المعلوماتية لاقتحام العالم الأزرق الافتراضي ، في الوقت الذي  نجهلها نحن أو نجهل بعضها ، نجد أنهم بدورهم يجهلون جهاز الراديو و ما كان عليه و ما كان يجسده بالنسبة لنا قبل عقود من الزمن . و ها قد أوشكت جل  دور الإذاعة أن تفقد الأمل في احتلال الصدارة و التغلب و التفوق على مواقع التواصل و ما يبث على النت ، فقد كانت تؤلف بين أفراد الأسرة الواحدة كما كانت تؤلف بين أبناء البلد الواحد و الأمة الواحدة أيضا ، لكن تقدم التكنولوجيا و انتشار الهواتف الذكية و اجهزة الكمبيوتر شكلت لعنة على كل ما كان يميز تلك العصور الذهبية و ما كان يلم شملها و يؤلف بين قلوبها ، و ستظل الأجهزة التي علاها الغبار و الإهمال خير دليل على ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق