منهم من شبهه بيوسف و منهم من استوحى من قصته حكما للبشرية ، لكنني اسوحيت على عكس غيري أن حادثة ريان تعبر عن عناء جل طفولة البشرية ، فهي دائما الضحية ، في السلم كما في الحرب ، و في الجفاف كما في أشد المواسم أمطارا ، فهم دائما الأكثر عرضة و الأكثر ألما لما تزرعه أيدي الكبار و العاقلين ، فليس من حفر البئر و تركها عارية هو المسؤول الوحيد ، لا بالعكس هناك الكثير من الأيادي الملوثة بدماء و دموع الأبرياء في سن ريان و أصغر منه أحيانا و حتى أكبر منه سنا ، فالبراءة لم تخلق للأطفال وحدهم ، لأن هناك الكثير ممن يعيشون كالأطفال و يتأذون كالأطفال .
وحده ريان من أضاء قنديل الضمير حين حاصرته الظلمات في عمق الوحدة و البرد و الخوف ، وحده دفع ثمن صرخة كل أطفال العالم ، كي ينتبه لخفقات قلوبهم المضطربة بين الخوف و الجوع و البرد ، وحده من تحمل خمسة أيام و قاوم من أجل أن يعلم غيره من الأطفال الشجاعة و الصبر و الأمل ، لكن جسده الصغير و الضعيف تهاوى أمام قوة صرخته الرمزية القوية و التي تردد صداها من المحيط إلى المحيط ، لعل الغافلين يستيقظون ، فكم من الأطراف فتتتها الألغام و شتتتها ، و لا زالت الألغام تصنع ، و كم من القنابل مزقت أجسادهم و جعلتها أشلاء و لا زال هناك المزيد من الأسلحة يصنع ، و لن يتوقف كل ما يؤذيهم و يتعبهم ، و سيبقى كل ذلك وصمة عار في جبين الإنسانية التي وصلت قمة الحضارة لكنها لم تصل لقمة الأخلاق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق