.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

دكتورة نجية الشياظمي تسأل: ماذا لو تعلمنا من الصغار؟؟؟

لقد كانت نظرتنا للأطفال دائما على أساس أنهم صغارا و لا يعرفون  شيئا ، اعتقدنا دائما أن المعرفة و الوعي يتناسب مع العمر أو الحجم و نسينا أن وعي الأطفال قد يفوق وعينا ، و أننا كلما تقدمنا في العمر و كبرنا ، تزايدت خبراتنا المرتبطة بالألم و الخيبة أحيانا ما يجعل نظرتنا لكل الأمور بنفس الطريقة ، فقد تبرمجت عقولنا على ما  توصلنا إليه و ما ترسخ في أذهاننا من تجارب قاسية أحيانا تصيب و أحيانا أخرى تخيب ، ما يجعلنا نخاف و نخشى تكرار التجارب القديمة لأجل اغتنام فرص جديدة ، بل إننا حتى نخاف من تلك التجارب الجديدة و التي لا نعلم عنها شيئا . فماذا لو أعطينا أنفسنا الفرصة في التعلم من الصغار و لو مرة واحدة في العمر ، سنجدهم يمدوننا بالحكمة البالغة ،لأن فطرتهم لازالت نقية و لم يلوثها شيء مما تعرضنا له نحن ، ماذا لو تعلمنا من الأطفال بعض ما يجودون علينا به و هم يلعبون حولنا ، أو معنا ؟ أو ما يحاصرونا به من أسئلة تبقى أمامها أفواهنا مفتوحة غير قادرة على الإجابات المقنعة لهم و حتى لنا . سنتعلم أشياء كثيرة :
*أولها عدم الخوف من إعادة التجربة مرة أخرى بعد اول تجربة تم فيها الإخفاق أو الفشل ، لم نر في حياتنا طفلا تعرض للأذى من اول مرة ثم بعدها توقف تماما عن تكرار المحاولة ، هذه ميزة يتفوق بها الصغار على الكبار ، رغم عدم نجاحهم في المرة الأولى لا يتوانون عن المحاولة مرة أخرى ، و لا يخافون من الفشل مرة ثانية و ثالثة و عاشرة... عكسنا تماما .
*نسيان كل الخلافات فالأطفال لا يحملون الغل و لا الحقد  لأي أحد مهما حصل معهم ، قلوبهم بيضاء و كبيرة ليست كقلوب الكبار ، الذين لا ينسون الإساءة و لا الخلافات و لا المشاحنات ، و بذلك يضيعون الكثير من أعمارهم في أمور لا تسعد القلب أبدا بل إنها ربما تزيد في تعبه و حزنه و معاناته . عقولنا تكبر و قلوبنا تصغر عكس الأطفال تماما ، كلما صغرت عقولهم و خبراتهم كبرت قلوبهم و اتسعت لتضم العالم بأكمله .
*يفرحون بأقل الأشياء مهما قلت قيمتها أو كبرت ، لا يحرمون أنفسهم من التمتع و السعادة بما قل و توفر ، و لا يحسبون الأشياء بقيمتها المادية أبدا ، لكنهم يتعلمون منا ذلك بعدها ، ففي بداية حياة طفل تستطيع أن تدخل الفرحة على قلبه بأقل شيئ مهما كان تافها ، لكنه كلما كبر أصبح يطلب أكثر و أغلى منا يتوفر بين يديه ، و نحن لا نعلم أننا السبب في اكتسابه لذلك السلوك ، و قد نلومه أو نعاقبه عليه ، و لا نفطن إلى أننا نحن السبب في ذلك .
*لا يخافون من المغامرة مهما كانت خطيرة لأنهم لا يعرفون الخوف ، و حينما نجتهد في تخويفهم يصبحون جبناء ، و يفقدون شجاعتهم لأننا ساعتها نكون قد جردناهم منها ،ثم نلومهم و قد نضحك أو نستهزئ بهم مما تسببنا في تعليمهم له .
نعيش ككبار و الخوف لا يفارقنا من كل خطوة نود الإقدام عليها ما يجعل الحياة مهمة صعبة و أحيانا مستحيلة ، فكم من الناس أوقفوا حياتهم و تخلوا عن أمنياتهم لمجرد الخوف مما تخبئه الحياة لهم ، الصغار لا يعبأون لما يعيق حياتنا ،فالشجاعة لا تفارقهم طيلة طفولتهم. 
*العيش ببساطة و براءة ، وحدهم الصغار من يقدرون على عيش الحياة بكل بساطة و براءة ، و بكل فرح و سعادة ، رغم كل تغيراتها و اضطراباتها ، ففي الوقت الذي نلاحظ فيه الكبار يعيشون الحزن و الكآبة و الهم في ظروف غير عادية كالحروب و القلاقل و غيرها ، نجدهم لا يتخلون عن التمتع و الفرح و السعادة بكل لحظة يعيشونها ، لأنهم مجرد أطفال .
هذا القليل من الكثير الذي يمكننا أن نتعلمه من الأطفال و الصغار ، و لو تعلمنا لاستطعنا العيش بطريقة أفضل و أحسن ،و لاستطعنا التخلص من الكثير الكثير مما ينغص علينا الحياة و يجعلها صعبة و قاسية في نظرنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق