من قال أن التجاعيد هي علامات التقدم في السن ، من قال أن عدد السنين وحده ما يحدد ما يتبقى من أعمارنا و ما يمكننا عيشه من سنين مستقبلا ، خطأ كبير تم في حقنا حينما تبرمجنا على ربط عدد السنين المُعاشة بعدد ما يتبقى من رصيد العمر ، و مع أن الواقع يكذب كل هاته الادعاءات _ فكم من شاب سبق والديه إلى العالم الآخر في الوقت الذي كان يتمتع فيه بكل قوته و صحته و عمره لا يتجاوز بضع سنين _
إلا أننا نأبى إلا أن نصدق ما نسمعه و نتربى عليه .
و مع أن هذا الأمر لا يبعث لا على السعادة و لا حتى على التفاؤل ، فقد يجد المرء نفسه يعيش الخوف و الرعب من كل يوم يمر عليه لأنه ينقص من رصيد عمره ، فهو يقترب من الموت و الفناء ، و بذلك لن يستطيع أن يهنأ بعمره... لا الماضي منه و لا حتى المقبل . فعدد سنوات عمره لا يذكره إلا بالقبر و الموت و الاختفاء و الاندثار ، و هو يتأسف على كل أمنية حلم بها و لم يحققها .
و هذا كله في الوقت الذي يجب علينا فيه أن نعتبر التقدم في العمر نضج و ميزة طبيعية يمنحنا الخالق إياها كي نقوم بجرد كل التجارب و الخبرات ، فنستخلص منها الإيجابي و المفيد ، كي نفيد منها أنفسنا و الآخرين . فللتربية و الثقافة السائدة دور كبير في توجيه الأفكار و العقول إما هنا أو هناك ، إما حيث التفاؤل و السعادة أو حيث اليأس و الكآبة . و ما أسوأ أن تحبس أفكار الناس في صناديق ضيقة و مغلقة و مظلمة . و تتركها حبيسة الوهن و الحزن . ما أروع أن تفتح أمامها نوافذ المرح و الحياة و تتركها طليقة تحلق في أجواء الحب ، حب الحياة ، حب العمل ، حب الإبداع .
نحن نشبه الفاكهة كلما تقدم بها العمر كلما نضجت و زادت حلاوتها و جمال طعمها ، لقد زيننا الله بالعقل ، و عقولنا تزداد جمالا و حكمة و إبداعا كلما تقدم بها العمر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق