.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

واحدة من الآلاف..قصة قصيرة بقلم: د.نجية الشياظمي

الآن فقط أحسست أنني على قيد الحياة ، أحسست أنني فعلا أتنفس و أعيش الحياة كباقي الناس ، لم أكن كذلك فيما مضى،  
كنت تصور لي الأشياء في أبشع أشكالها ، حتى تلك التي كانت تشع جمالا و روعة ، كأنك جئت لهذه الحياة فقط لتدمر حياتي 
و كأنني جئت إلى هذه الحياة فقط لأكون ضحيتك ، و الآن اكتفيت و خرجت من حياتك للأبد ، لن تجد فريستك السائغة في انتظارك لتنال منها ، لا لن تلوث أفكاري بسمومك التي أدمنت على دسها في دمي كل صباح و مساء .
لن أقول أنك وحدك المسؤول ، طبعا لا ، لأنني لن أستفيد شيئا
من ذلك ، بالعكس أود تحمل كل مسؤوليتي و انا أنظر إلى نفسي في المرآة ،  أود استعادة إحترامي لنفسي ، أود أن أتدارك كل  هفواتي و أستفيد منها ، أود أن تكون أنت الدرس الذي أتعلم منه طوال حياتي و لا أنساه أبدا ، لقد كنت تعتبر نفسك دائما الأذكى ، لقد كنت دائما تتناسى  مقولة "يضحك كثيرا من يضحك أخيرا "و فعلا ضحكت علي كثيرا منذ البداية ،  منذ أن عرفتك ، لكنك لم تكن تتوقع في حياتك أبدا أن أكون أنا من يضحك أخيرا و كثيرا ، لقد كان غباء منك أن استبعدت ذلك ، وغرورا منك أيضا أن ظننت أنني سأظل سجينة حبك إلى الأبد و أنني لن أكسر قيودك التي صدأت في معصمي و قدمي ، لكنني فعلت و في لحظة كنت فيها أشبه بالطائر الجريح الذي يود أن يطير بعيدا خارج قفص سجانه ، لكنه كان يتألم و في كل مرة يزيد ألمه كان إصراره على التحرر يزيد أكثر ، هذا ما لم تتمكن من إدراكه و وعيه ، شكرا لله ، لست نادمة أبدا على أي شيء فكل ما اعتبرته أنت سذاجة مني ، كان خشية من خالقي ، و تشبثا بقيمي و أخلاقي التي تربيت عليها . 
أمسكت رسالتها بيدي و نظرت إليها طويلا ، و استسلمت لشرود طويل و عميق ، فقد توالت الأسئلة ملحة على فكري 
هل كان ذلك السرد الطويل و المتواصل منها تفريغا لما تراكم على قلبها من هموم و أثقله خلال كل تلك السنوات الماضية؟!
هل حقا هي الوحيدة من عانت كل تلك الآلام و تجرعت كل تلك المرارة ؟!  أم أن هناك المئات و ربما الآلاف مثلها و شأنهن شأنها ؟!
هل يعقل حقا في هذا العصر أن تكون هذه مكافأة لأنثى الجود و العطاء و الكرم ؟!
و إلى متى تستمر القوارير عرضة للقسوة و الظلم ؟!
أغمضت عيني و رفعت رأسي للسماء و صوت المؤذن ينادي من بعيد ليشق صمت الحيرة.

هناك تعليقان (2):