.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

رياح وسفن.. بقلم نجمة التدريب العربي د.نجية الشياظمي

بل إن كل ما يتمناه المرء يدركه تجري الرياح بما تشتهيه السفن ، نعم تجري الرياح بما تشتهيه السفن العاقلة المتريثة التي تنتظر  إلى أن تهدأ الرياح ، لتأخذ مجراها في أمن و سلام و أمان ، و السفن التي تمشي بهذا المنطق العقيم للشاعر ، ستظل واقفة راسية في الميناء إلى أجل غير مسمى ، و ربما إلى أن تصدأ و تصبح عديمة الجدوى و الفائدة في عملية الإبحار ،  و هذا ضد منطق الحياة المستمرة و المتغيرة أبد الدهر ، الحياة مبنية على الشجاعة و الحكمة ، الشجاعة للانطلاق ،  و الحكمة في خوض غمار البحر و شق عبابه بثبات ، لأجل الوصول إلى شاطئ النجاة ،  و هي محملة بكل الخيرات و الثروات . هذه رسالتنا ، و لهذا خلقنا و جئنا إلى هذا العالم الفسيح و الجميل ، جماله يتجلى لنا كل يوم عند صباحه و مسائه ، عند شروقه و غروبه ، كلما فتحنا الأعين لنتوكل على الخالق في أمور حياتنا ، متوكلين كل التوكل و مجتهدين كل الاجتهاد ، فلا توكل بدون عمل و أخذ بالأسباب ، و لا نجاح بدون تفاؤل و انشراح للحياة . 
يبدو أن الشاعر لم يكن يعلم بمدى التطور المهول الذي يشهده العالم و خصوصا في أيامنا هاته ، لم تكن لديه فكرة عن إمكانية وصول الانسان إلى سطح القمر و المشي عليه بخطى
ثابتة و متوازنة ، فقد كان في زمانه مجرد التفكير في هذا الأمر ضرب من الجنون ، فماذا لو علم بكل التطورات التكنولوجية التي نعيشها الآن ، أتراه كان سيبقى على نفس القول و الموقف ، أم تراه كان سيتراجع  و يعدل عن مقولته الشهيرة ، التي ربما قد دمرت حياة الكثيرين ، ممن أصابهم عدوى اليأس و القنوط منه ، مع أنه " الشاعر المتنبي "كان واسع الطموحات و التطلعات ، و قد حقق نبوغا و ازدهارا في شعره على طول فترة حياته ، فكيف له أن يضع هذه المقولة سدا منيعا قد تمنع الكثيرين من الوصول ، و التمتع بما يصبون إليه . لكل زمان إمكانياته و أدواته و بالتالي أحلام أهله و طموحاتهم المشروعة ، و كل حسب اجتهاده و نظرته للأمور 
فأكثر ما نحصل عليه يعتبر تجليا لما يسكن أعماقنا من أفكار و معتقدات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق