.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

غيابك حضوري..قصة بقلم/ نجية الشياظمي

كعادته عاد متأخرا كئيب الوجه .. أغلق الباب وراءه بحنق .. ناداها بصوت جاف .. افتقدها .. تفقد البيت .. وجد رسالتها بجوار علبة مكياجها المهجورة منذ سنوات:
لم أكن أتوقع يوما ان غيابك سيلفت انتباهي إلى نفسي، و يعيد لي حبها والاهتمام بها ،وكأنني وهبتك اياها فما عادت تعنيني، وما عدت أشتاق لها ،وكأنني وكلتك أمرها دون أي قيد أو شرط ،دون أدنى شك مني بأنك لن تخذلها لن تعذبها ولن تقسو عليها ،هكذا تخيلت و اعتقدت. واليوم حينما أردت ترتيب دولابي أخرجت كل فساتيني التي كانت تعجبك ورميتها، لم أعد أطيق رؤيتها ولا ان البسها،أصبحت تزعجني ولا أرتاح فيها،انت الذي كنت تهواها وتعشقها علي .كرهتها لأنها تذكرني بك ،بقسوتك بجبروتك اللامتناهي.
رغم كل شيء ما عاد قسوتك تؤلمني ولا تهديدك يخيفني ،أصبحت اقوى من ذي قبل،أصبحت أهوى كل ما منعتني عنه،أغاني الرومانسية والعشق ،افلامي القديمة التي كنت اتفرج عليها ووضعت حظراعليها لأنها لا تعجبك هكذا أخبرتني ،قلت انك لا تحبها ولا تحب لهجتها ولا ممثليها ،و لو كنت تعلم ما كانت تفعله بي حتى اجيئك ،متلهفة على مصالحتك و الرجوع إليك من جديد ،كانت تعطيني كل الأحاسيس التي حرمتني منها ، كانت تحييني من جديد لأعود لاحضانك، دون أدنى مجهود منك ،لم تكن تعلم مدى خدمتها لصالحك، ومع ذلك لم أتوقف عن مشاهدتها ولو خلسة منك. فقد كان القدر البسيط منها يزرع في الامل انك يوما ستعود لي كما عرفتك، وربما افضل من ذي قبل ،لكنك خيبت ظني ،كنت في كل مرة تسوء و تسوء، علمت حينها ان قدري المحتوم معك هو العذاب المستمر، هكذا علمت وايقنت. انتظرتك طويلا ان تفهم نظراتي وبعض تصرفاتي،لكنك تجاهلت كل شيء مني .
واليوم عدت أراجع حساباتي وافتش في دفاتري كي التمس لك العذر عما فعلته بي لكني لم أجد ما يشفع لك عندي، لم أجد شيئا يعيد لي الأمل لاتمسك بك ، لكن ما لا تعلمه هو انك قدمت لي خدمة لن انساها لك مدى عمري هي انك أعدت لي نفسي حينما تخليت عنها ،استرجعتها منك، وأعدتها إلى دفء أحضاني بعدما انهكها التعب ونال منها جفاؤك المستمر ،عادت لي نفسي من جديد وعدت لها ،تصالحنا من جديد واحببنا بعضنا أكثر من اي وقت مضى ،تعاتبنا ،لكننا ما فتئنا تصالحنا وتعاهدنا على المضي قدما في سبيل سعادتنا ،في سبيل العيش بسلام وأمان، بدونك طبعا والى الابد!!!!!
ارتعشت يده .. نظر إلى نفسه في المرآة .. تأكد أنها رسالتها الأخيرة .. ملأت الدموع جفونه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق