.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

قراءة نقدية في مجموعة "مشاعر كامنة" بقلم/ حمدي الروبي



مشاعر أنثى
#قراءة_نقدية
في مجموعة "مشاعر كامنة"
للقاصة المصرية "ليلى سعيد"
يكتبها الناقد الأدبي: #حمدي_الروبـي
.............................................
عنوان هذه المجموعة القصصية يجعلك منجذبا نحو تناول الكتاب وقراءته ، ومع تناول القصة الأولى يقرر القاريء أن العنوان قد حالفه كثير من التوفيق؛ فالمحتوى حافل بمشاعر حيَّة ونابضة وإن لم تكن جميعها ( مشاعر كامنة ) ، فبعض قصص المجموعة تطل منها المشاعر بوجه مشرق تراه العين بوضوح ويستشعره القلب قوياً ، ومنها قصة (ورقة خريف ذابلة) وقصة (أبيتُ أن أُهزم).
وعناوين القصص كلها في هذه المجموعة تجتذب القارئ وتلزمه قراءتها باهتمام وعناية ، وتثير جدلا بين العقل والروح لا ينحسم إلا مع آخر قصة ، وقد لا ينحسم.
ولنأخذ مثلا قصة (أبحث عني ص7 ) :
في قصة (أبحث عني) وهي من أروع قصص المجموعة نجد الكاتبة بالفعل تبحث عن نفسها ، وقد عثرت عليها في دفء حضنه. لكن مَنْ هو ؟ هل هو طفلها الصغير كما زعمت في بداية القصة "طفلي الصغير قد غطَّ في نومٍ عميق مستلقيا على ظهره".. هذا ما يبدو ظاهراً للعين ، لكنه في حقيقة الأمر (حبيبها).. ومن أرقّ وأرقى مشاعر المرأة نظرتها للمحبوب كطفل صغير يشتاق للرعاية والعناية ويتلهف للعناق والتقبيل ويهفو للدفء والأمان. فطفلها هنا هو محبوبها.
ولأن الكاتبة تعشق هذا الطفل فإنه سيعاود الظهور ثانية في قصة (وأطربت فرحا ) ص12 "يتقافز في عينيه بمرح"
وقد يظن القارئ لمجموعة (مشاعر كامنة) أن الشكل الفني للقصة القصيرة يغيب عن هذه المجموعة ، وله العذر في ظنه ، ومبعث هذا هو غلبة (اللغة الشعرية) على أسلوب الكاتبة ، وتناثر ما يسمى بـ (القصة الومضة ) على بعض صفحات المجموعة ، وندرة الشخصيات داخل كل قصة بحيث تجد غالبا شخصية واحدة فقط هي الكاتبة ، فتجدها تحدِّث نفسها أو تحدِّث شخصاً آخر أو تتحدّث عن شخصية أخرى. وأحيانا تجد شخصيتين ، كما في قصة (وبعدها) ص 17 التي يتجلى فيها أيضا أحد عناصر الشكل الفني للقصة القصيرة وهو الحوار ، لكنه هنا حوار مكثف بحرفية واقتدار.
وبدراسة النسق اللغوي للمجموعة نرى أن الكاتبة  قد صاغت قصصها بلغة انسيابية ساحرة تترقرق كماء غديرٍ عذب.
 وقد استخدمت القاصة لغة شاعرية هامسة يغلب عليها طابع الشعر الحر ، حتى أن بعض قصص المجموعة تكاد تكون قصائد من جنس قصيدة النثر ، كما في القصص: (فكيف لنا) ص9 (أوتار مشاعري الكامنة) ص14 (وثن من دم) ص23 .
هذه اللغة الشاعرية تبدو مشرقة في كل قصة نقرأها ، والقاصة لا تستطيع التحرُّر من موهبتها الشعرية التي تتسلل إلى تراكيب عدة منها قولها (ركلت الخوف) ص13 (مسحت دمعة رأيتها بقلبي) ص17 (تلاشى صوت الحنين) ص22 (رحيلك موتي) ص30.
ومنذ بداية المجموعة تنثر الكاتبة أمام عينيك زهرات من مفردات وتعبيرات تنمُّ عن ذخيرة لغوية متنوعة (غطَّ في نومٍ عميق - تسللت إلى جانبه – يدثرني – أغفو – يتهادى – الزبد – ترصَّعت  السماء – اعترتني – جعبتي - قبض على معصمي – وهج – يأبى - ينكث العهد – الأشعث – غصة - فحيح.....)
لكن وردت في أكثر القصص أخطاء عدة ، إملائية ونحوية ومطبعية أذكر أمثلة منها تنبيها وتنويها حتى تتدارك الكاتبة هذا الأمر في الطبعة القادمة إن شاء الله:
- ( أما زلت بثقة المغرور الأحمق أني سأسامحك ) ص7
- ( ازدردت ريقي ) ص13
- ( نقش الغضب خطوطه على وجه ) ص18 ..
أظن المقصود هنا ( على وجهه )
- ( أغتيل لقائنا ) ص32 فالصواب أغتيل لقاؤنا

ليلى سعيد ومشاعرها الكامنة :
قلت في بداية هذه الدراسة النقدية لمجموعة القاصة الواعدة ليلى سعيد (مشاعر كامنة) إن عنوان المجموعة قد حالفه كثير من التوفيق والصواب ، حتى أنك لا تستطيع تغيير العنوان أو تعديله .. لكن مشاعر هذه المجموعة القصصية الرائعة لم تكن كامنة طول الوقت ، بل كانت أحيانا تنبض ، وأحيانا ترتجف ، وتنفجر مدوية في مواضع أخرى.
وقد أحاط بي شعور قوي وأنا أقرأ هذه المجموعة بأن الكاتبة أسيرة حزن عميق وحيرة لا تهدأ ، وقد بدا ذلك جليا حتى في عناوين القصص وليس فقط في المفردات والتراكيب والصور.
وقبل أن أنهي هذه الإطلالة النقدية على مجموعة (مشاعر كامنة) أودُّ أن أنوه إلى أمر هام أعتبره مما يؤخذ على القاصة ليلى سعيد ومجموعتها ، ألا وهو ما لحق آخر الكتاب من مقالات أو أقوال أو آراء لشعراء أو نقاد أو غيرهم حول المجموعة القصصية الأولى التي أصدرتها الكاتبة بعنوان (طوق النجاة). ففي أربع صفحات كاملة كلامٌ_مع احترامي وتقديري له ولأصحابه_خارج موضوع كتاب (مشاعر كامنة) ولا يقدم للقارئ _في تقديري_ سوى شيئا من التشويش النفسي والروحي بعد أن أنهى رحلة روحية شفافة مع القاصة ليلى سعيد ومشاعرها الكامنة ، فهو مقال في غير مقامه.

وأخيرا أوجه كلمة من القلب إلى القاصة الرقيقة ليلى سعيد فأقول لها أنتِ أديبة واعدة تمتلك قدرات كتابية متعددة ، لكن أرجو منكِ أن تتحرّري عند كتابة القصة من عشقك للشعر .. ولن أذهب بعيدا ، ففي هذه المجموعة (مشاعر كامنة) عندما أفلت قلمك من شاعريتكِ سطرَ لنا أجملَ قصص المجموعة (ورقة خريف ذابلة) ص19 (وطأطأت هامتها خجلا) ص36 (الأشعث) ص42 (وأبيتُ أن أُهزم) ص44 (لأني بشر) ص50 (مهلا سيأتي بعد قليل) ص52 (الشبح) ص54


الناقد الأدبي: حمـدي الروبـي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق