إنها الأمطار التي تنهمر على أوراق الشجر ، مثلما تنهمر الدموع على وجه البشر . هكذا رأيت وجه الطبيعة هذا الصباح ، بعد أمطار أيام متتالية ، صرخت فيه السماء و زمجرت برعدها ، و كأنها كانت تصرخ عاليا و تحتج . ظهر وجه الطبيعة هذا الصباح مشرقا مشعا ، و قطرات الماء تتلألأ على وجه الأرض المخضرة و المعشوشبة ، تبدو و كأنها قد رمت وراء ظهرها كل الهموم ، مع أنها قد خلقت للناس هموما حينما أغرقت جزءا من مدينة آسفي .
تفيد الأمطار الطبيعة مثلما يفيدنا البكاء ، حينما نلجأ إليه بعد أن نصاب بقلة الحيلة ، فننفجر باكين ، كي نرتاح ، و فعلا نرتاح ، إنها وسيلة من وسائل التفريغ و التخفيف . و من يكتم دموعه ، عليه أن يعي أنه يمنع سموما من الخروج من جسده . يريحنا البكاء و يفرج عن قلوبنا كربتها و مآسيها ، فالحياة لا تخلو من متاعب مهما كانت مريحة و صافية .
ضرورة الدموع أمر لا مفر منه ، سواء بكت السماء او بكت أعيننا . فلكل منهما دور في التنظيف ، و ما أحوجنا إلى دموع السماء التي تنظف الهواء من كل السموم و الميكروبات ، مثلما تنظف الدموع صدورنا مما يثقلها و اجسادنا مما يسممها .
لا حاجة للبكاء إلا حينما تغلق كل السبل أمامنا ، فنلجأ إلى دموعنا كي نخفف عن أكتافنا و قلوبنا ما أثقلها ، و بعدها نشرق و تشرق قلوبنا و وجوهنا فرحا و إقبالا على الحياة .
