دكتورة نجية الشياظمي..تكتب: ما أسهل أن تذهب لتعزي لكن ما أصعب أن تكون أنت الميت!

كثيرا ما نجد المسؤولين عندنا ، بعد حدوث أي كارثة ، يكتفون بتقديم التعازي ماديا أو معنويا لجبر خاطر المكلومين ، معتبرين في تصرفهم أداء للواجب و توبة من المعصية و الجريمة التي ارتكبوها عن قصد أو حتى عن غير قصد ، فالمسؤولية لا تسمح بارتكاب أي زلة مهما تضاءلت ، هكذا أراها ، و ربما هذا هو المفهوم الحقيقي لمعنى و مفهوم المسؤولية عند الجميع .
و أن يصر أي مسؤول على الإهمال ، و التجاهل لمشاكل و قضايا ، من تولى مهمة النيابة عنهم في تسيير و تدبير أمورهم ، أمر لا يمكن تجاوزه و لا مسامحته و لا حتى التساهل معه . و بعد أن تحدث الكارثة ، يكتفي بمنح بعض المال من صندوق الدولة ، كرمز للعزاء لأهل أولئك الذين ذهبوا ضحية دون ارتكاب أي ذنب ، سوى أنهم كانوا يكدحون ليل نهار لأجل لقمة شريفة من الكسب الحلال . فيكتفي ذلك المسؤول بالتكرم بما جادت به يداه ، لأجل إسكات تلك الأصوات الضعيفة ، و التي أنهكها البكاء و النحيب ، فيعتبر نفسه قد أدى الواجب و نجا من المحاسبة . 
و هكذا تستمر الكوارث ، مسؤولا بعد مسؤول ، دون مراعاة لتصحيح أو حتى مراجعة ما سبقه من أخطاء و تجاوزات ، و تستمر معاناة الضعفاء دون توقف ، لكن صوت الحق ما يفتأ أن يصرخ و يتكلم يوما ما ، و بإغراق الجميع ، ظالما و مظلوما ، هكذا تنتهي الأمور ، بظهور و كشف الحقيقة و تعريتها تعرية قوية فاضحة ، تظهر في النهاية للجميع ، هذا ما حدث البارحة حينما غرقت المدينة القديمة في سيول الأمطار ، و قبلها كانت غارقة في الإهمال و التهميش و اللامبالاة .
تألمنا كثيرا كمغاربة لما حدث ، لكن مجرد الإحساس لا يكفي دون قول كلمة الحق و الإنصاف . لذلك أحسست بمدى معاناة اولئك الضحايا و كذلك أولئك الأبرياء و الذي يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم هم أيضا يتحملون نسبة من المسؤولية و كل سيسأل نفسه و يرد عليها بنفسه .
و في النهاية أحببت أن يعلم المسؤولون و من يقدم التعزية ، و يجبر الخواطر بالمال أو بمجرد دفن الموتى ، و يعلموا أنه "ما أسهل أن تقدم التعزية لكن ما أصعب ان تكون أنت الميت!!! "

تعليقات