اليوم العالمي للرجل..دكتورة نجية الشياظمي

في هذا اليوم ، أود أن أتقدم بكل الشكر و العرفان لأول رجل رأته عيني ، و تعرفت عليه منذ اللحظات الأولى من حياتي . أبي رحمة الله عليه ، سندي و مددي حينما كان حيا ، و حتى بعد وفاته ، لا زالت صورته و شخصيته حاضرة في بالي و وجداني . هو من رباني و علمني جل ما أمشي عليه في حياتي إلى يومنا هذا . فقد كان الأب الفاضل و القدوة المثلى لي و لإخوتي . و اعترافا له كتبت في هذا اليوم كي أوجه رسالة إلى كل رجل يرى و يحس أنه فعلا بملك صفة الرجولة التي تخوله من بناء أسرة ، كزوج و أب ، و حتى كأخ لم لا ؟ فما أحوجنا في هذا العالم و في هذه الأيام الصعبة ، إلى أخ نتكئ على كتفه بدل ذلك الوالد الذي رحل . إلى نصفنا الثاني ، أود أن أقول : رفقا ببعضنا ، نساء و رجالا ، نحتاج إلى أن ان نعطف و نحنو بدل أن نقسو ، فنحن لا نستطيع العيش في توازن بدون بعضنا ، و مهما حاولنا أن ندعي الاستقلالية ، سنظل نطير بجناح واحد ، كطائر مكسور أو مجروح لا يقدر على الطيران ، و حتى لو طار لا يستطيع أن يحلق عاليا و بعيدا . هكذا أصبحت مجتمعاتنا تئن إما من العجز المطلق أو الاستقلالية المطلقة ، فلا هذا يفيد و لا ذاك أيضا يفيد . و العجز يكون حينما نهمش شريحة من المجتمع ، و نضيق نشاطها و تخصصها في شؤون البيت من نظافة و طبخ و كنس فقط ، و ننسى أن تلك الإنسانة هي من يعتمد عليها تربية و تنشئة جيل بأكمله ،و حينما نحاصرها و نتعامل معها بدونية فإننا نجني على جيل بأكمله ربته إنسانة كانت تحس بأنها معاقة ، وليست لها حرية التعلم والتعبير عن أفكارها و توسيع عالمها الذي يصبح ضيق الأفق ، خانقا مميتا.

إلى كل أب : علم إبنتك احترام ذاتها من خلال اعتمادها على نفسها ، لأنك لن ترضى لها الذل و المهانة حينما تكون مضطرة لقبول ذلك لمجرد لقمة العيش . كل أب يرى ابنته ملكة متوجة ، لكن ابنتك لن تؤمن بأنها ملكة إلا إذا ربتها ملكة ، زوجتك .
إلى كل أخ : كن أنت السند و الكتف لأختك حينما يغيب وجه أبيكما عن هذا العالم ، و لا تكن متجبرا و متكبرا فقط لأن حصتك من الميراث تساوي ضعف حصتها .
إلى كل زوج كن أنت الأب و الأخ و الزوج ، لأن تلك الانسانة حينما اختارتك رأت فيك كل أولئك ، فلا تخيب فيها ظنك و لا تصدمها .
إلى كل إبن : كن السند و الولد لوالدتك و لأختك ، و تعامل معهما بعدل و إحسان .
إلى كل رجال العالم ، أنتم حقا نعمة خلقها الله لنا كما خلقنا لكم ، فلا تفسدوا النعمة بالتكبر و الظلم و الجبروت ، كونوا قلوبا رحيمة ، دافئة عادلة ، تجعل من يلجأ اليها يشكرها و يشكر خالقها .
تعليقات