.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

من (عشقته متوحدا) بقلم/ بسمة الطهاري

كان علي أن أستيقظ باكراً كل يوم وأغمس قطعة من الخبز في زيت الزيتون البكر فأتناولها سريعا وبدون رغبة قبل أن ترشقني أمي بفردة حذاء من البلاستيك، فنحن في قريتنا لا نتبادل تحيات الصباح ولا نستقبل بعضنا بالورود ورائحة القهوة لكن قلوبنا قد كانت تفيض حبا وحنانا.وقد كان عليا ان أغسل وجهي سريعا قبل أن تعبث أمي بخصلات شعري الغزير فتعقصها بشدة واضعة إياها في أعلى راسي حتى تنجذب عيناي ويظهر جبيني متكورا ،إنها تسريحة ساسوكي العجيبة ولا مناص منها .

أحمل محفظتي الجلدية مليئة بالكتب والكراسات ومعها إناء محكم الغلق وضعت به أمي نصف خبزة محشوة بقليل من البيض والفلفل والطماطم وقد أكدت علي أن أتناولها وحدي لأنني لن أعود إلى المنزل إلا بعد الثالثة مساءا وأن لا أنسى الإناء كالعادة تحت الشجرة مرددة تلك الجملة الشهيرة (نعرفك ديمة ضايعة )، تلك المحفظة تكاد تقصم ظهري الصغير وأنا أتهادى بها وحيدة بين طرقات شائكة محفوفة بالمخاطر وكان علي أن أتمالك نفسي كل مرة حين يهاجمني ( كلب بيت المكي) وأضع له خطة قوية حتى لا يلاحقني فقد قال لي جدي أن لا أركض حتى لا يشعر الكلب بخوفي وأن أحدق بعينيه بقوة واتجاهله وقد كنت أفعل ذلك فعلا بكل مرة و أسبه مرددة:.( برا يعطك كلب بكلبك) حتى إذا ما ابتعدت عنه قليلا أجهشت بالبكاء .
مع الساعة السابعة والنصف أصل مدرستي منهكة الجسم خائرة القوى، مذعورة وألتحق بالصف لأجلس على طاولة خشبية مهترئة أنتظر دوري في تلقي عشر ضربات على باطن اليد بعصى خشبية مسطحة لأنني لم أحفظ جدول الضرب الذي لم أستطع حفظه الى الٱن وأرفع عيناي الواسعتين المغرورقتين بالدموع لأقرا تلك اللافتة المعلقة مباشرة فوق السيورة وقد كتب فيها بخط عريض : اطلبوا العلم ولو كان في الصين
أتنهد طويلا وأنا أردد في نفسي :. لابد أن أتخلص من هذه التسريحة وأزين راسي برداء مثل أمي وأعين جدي فقد ولدت معزته السوداء ، لابد أن أتزوج لأرتاح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق