العفو من أنبل الأخلاق ، هو تعامل بعكس تعامل الطرف الآخر ، ليس تعاملا بالمثل كما ينادي به الكثير من الناس فيما بينهم ، ليس هو رد الإساءة بالإساءة ، و لكنه السبق بالخير و المعروف هو تعامل أنقى و أرقى ، و هذا هو ما نطلبه من الخالق طيلة أيام رمضان و خصوصا في العشر الأواخر من الشهر الفضيل تجاه أي تقصير أو خطأ أو تجاوز . جميل أن نطلب العفو ممن هو أقوى و أقدر على كرمنا ، و الأجمل منه أن نفعل نفس الشيء مع من بيننا و بينهم خلافات أو سوء تفاهم أو أي نوع من الحزازات . لأن الخالق يود منا أن نتعلم و نتعامل بأسمى الأخلاق و أرفعها .
هو قادر على ألا يعفو لكن حبه لنا (سبحانه) هو ما يجعله يعفو و حب بعضنا لبعضا هو ما عليه أن يحركنا في الاتجاه الصحيح
و خلال كتابة هذا المقال أبيْت إلا أن أعفو و أصفح عن أناس انقطعت علاقتي بهم لأي سبب من الأسباب ، فمن غير المعقول و لا المنطقي أن أطلب عفو ربي عني و لا أمنحه لغيري ، فنحن بشر نغضب و نفرح ، نرضى و نسخط ، لكننا في النهاية علينا أن نسامح الآخرين و قبلهم أنفسنا . و كم نحتاج لذلك و خصوصا مع أنفسنا التي لا نسامحها في الكثير من الأحيان ، فنجد أنفسنا نجلد ذواتنا و نشبعها قسوة و جفافا ، فنهينها و قد نخسرها . فالتسامح و العفو يبدأ من الأساس منا نحن أولا و قبل كل شيء ثم إلى الآخرين ، و كم نرتاح و تغشى أرواحنا السكينة و الهدوء حينما نسامح و نعفو ، و كم نتعب و نُرهق حينما نقعد و نستمر في اجترار الخلافات و الخصامات محاولين البحث لأنفسنا عن مخرج و خلاص ، و ننسى أن المسؤولية تكون دائما نسبية ، و بذلك فإن أي موقف أحاول أن ابرئ نفسي فيه فأنا مسؤول بنسبة معينة و ليس فقط من أشير له بأصابع الاتهام . علينا أن نكون عادلين مع أنفسنا و مع الآخرين . و بدون عدل لن نستطيع أن نكون بخير ، و لا أن نعفو أو يعفى عنا . فاللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا جميعا يا رب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق