بين هذا و ذاك يضيع الحاضر و الآن ، بين حزن على ماض جميل و ها قد راح فكيف الرجوع إليه ، أو مؤلم و جارح فكيف التخلص منه ، هكذا يكون تعلقنا بما فات رغم عدم جدواه و عدم فائدته ، تعلقا بذكريات الطفولة أو أي مرحلة من مراحل العمر الذي فات و مضى ، و رغم علمنا بأن كل ما فات قد مات ، إلا ما استخلصناه منه من عبر و خبرات و دروس تبقى شاهدة علينا طول العمر كي لا نسقط في نفس الهفوة مرة أخرى .لكننا رغم ذلك يصعب علينا التخلص من تلك القيود التي تشدنا إلى الوراء . و رغم صعوبة الأمر يتوجب علينا قطع كل تلك الروابط السلبية التي تمنع تقدمنا إلى الأمام بسلام و أمن و طمانينة . و سنقوم بذلك لا محالة حينما نعلم أن كل مجهود واجتهاد نقوم به لتغيير أوضاعنا فهو بمثابة صب الماء في الرمل . مجرد تضييع للوقت و الطاقة .
كما أن الخوف و الرعب من المستقبل المجهول ، سبب آخر لعدم التطور للأفضل ، خوف لا مبرر له يعمي أعيننا عما بأيدينا من فرص و نعم ، نترك و نتخلى عن الأمان الحاضر و نشغل ادمغتنا
بالتفكير في المستقبل و في الغد المخيف و الذي لا نعلم إن كنا سنحظى بعيشه أساسا أم أننا لن نتمكن من ذلك ، فلم نشغل أنفسنا به إذن و نحن نعلم أنه ليس لنا إلا الساعة التي نحن فيها ؟ فلماذا نتعب أنفسنا إذن ؟ إنها برمجة أخذناها منذ الصغر من آبائنا و أمهاتنا و بيئتنا ، فتركيبتنا حسب الدراسات التي تمت بهذا الخصوص تشمل النسبة الكبرى من تحكم الجينات و تأثرها بالبيئة المحيطة في سلوكيات الإنسان ، كما أن الفطرة التي يخلق بها لها أيضا نفس الأثر في حياته . و هكذا نجده مزيج من تفاعلات مختلفة ، لها الأثر الكبير في تصرفاتنا و تفاعلاتنا مع ما نعيشه و يحيط بنا .
تضيع لحظة الآن بكل قوتها بين حزن على الماضي و خوف من المستقبل ، نحن لا نملك إلا لحظة الآن وحدها تمنحنا أن نحسن من أوضاعنا أو أن نبقى على ما نحن عليه . فلا الماضي و لا المستقبل يعني شيئا ، الأول راح و مضى و الثاني في علم الغيب ، كلاهما وهم و لا حقيقة سوى الآن . الآن فقط .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق