الاعتذار ، هو نوع من الغفران نسعى إليه من خلال كلمات بسيطة ، تعبر عن مدى التأثر بما حصل تجاه الآخرين من إساءة غير مقصودة ، هو ليس حبا كي نجعله حكرا على فئة دون الأخرى ، هو يشبه كلمة "شكرا " التي تعبر عن الامتنان ، و أكاد أجزم أن قول شكرا و أعتذر واجب على كل واحد منا ، احتراما و تقديرا و نسجا لخيوط المحبة و الود و التي تتشكل مع الزمن روابط قوية تعكس المحبة و التعاون و الإخاء .
هل سبق لك و أن اعتذرت ؟ هل سبق أن أساء إليك أحدهم ثم اعتذر منك ؟ إنه لإحساس جميل أن تسعد غيرك و لو بكلمة طيبة ، قد لا يبدو لك أثر السعادة على وجه من تعتذر له ، لكنك في أعماقه أشعرته بالاحترام و تقدير مشاعره . نحتاج أن نقدر بعضنا البعض ، أن نراعي مشاعر بعضنا و نحس ببعضنا ، فمن لا يحترم البعيد لن يحترم حتى القريب ، و من لا يقدر مشاعر الغريب فلن يضع أو يجعل للأقربين إليه أي احترام أو تقدير .
نحتاج كثيرا أن نمارس هذه التفاصيل البسيطة بيننا كأسر ، كأصدقاء ، كشعوب و كأمم . و هذه هي الطريقة التي سنغرس بها في أبنائنا هذه القيم التي أصبح الكثير لا يهتم بها و لا يعطيها اي اعتبار . الأخلاق هي أساس الرقي مهما بلغت الحضارة أوجها . و بانحطاطها ينهار كل شيء و يذهب هباء .
و الاعتذار يعبر عن رقي صاحبه ، فهو من جهة يطلب الصفح
و من جهة أخرى يعبر عن مدى إحساسه بالمسؤولية تجاه ما تكبد فيه من خطأ و ربما من أذى لمن يعتذر له . لكن المصيبة تكمن حينما يتكبر المخطئ و يرفض الإعتذار ، ظنا منه أنه بذلك قد رفع من شأن نفسه ، و حط من قدر الطرف المقابل له
و هذا هو قمة الانحطاط الخلقي حينما يزن أحدهم الآخرين على حساب مظاهرهم الخارجية ، فتجده يعتذر لصاحب الهندام الفخم و الشيك ، و لا يهتم لشأن صاحب المظهر المتواضع ، ظنا منه بأنه لا يستحق . نحن لا نرفع و لا نحط من شان أنفسنا إلا بتعاملنا و بأخلاقنا ، و كل ما يركز على المظاهر فهو سطحي لا عمق له و لا تأثير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق