الكثير من الكوارث ارتكبت بذريعة التربية (القاسية)الصالحة . و لا أحد ينتبه إليها و إلى بشاعتها ، ننام مرتاحي البال و نغط في سبات يزداد فيه حجم الإحساس بالذنب يوما بعد يوم ، خصوصا حينما نتفقد وجوه الطفولة على سطح تلك الصور القديمة التي احتفظنا بها ، كما يحتفظ الجندي بأوسمته البراقة لعله يقدمها مبررا لكل تلك الأرواح التي قتلها و سفكها في سبيل أداء واجبه ، و حينما يغمض عينيه يعترف بينه و بين نفسه أن الكثير من الأمور لم يكن عليه أن يتعامل معها كما فعل .
بحث
ابحث عن الطفل الذي بداخلك..بقلم د.نجية الشياظمي
هل جربت أن تضحك من قلبك يوما و انت لوحدك تقرأ نكتة أو مستملحة لكن دون شعور بالذنب؟ و دون أن تتوهم أن كل من سيراك سيظنك مخبولا؟
هل جربت أن تتكلم مع نفسك و سط الزحام دون أن تلوم نفسك؟
هل جربت أن تكون عفويا كالأطفال دون أن تلقي بالا لتعليق أو نظرات الآخرين ؟
إن كنت تفعل هذا فأنت تحب نفسك و تفتخر بها .
قليلا ما نتمتع بلحظات العفوية التي تعترينا كالأطفال ، نخجل من أنفسنا من طبيعتنا التي خلقنا الله عليها ، نود أن ندعي الحكمة و النضج زيادة عن اللزوم ، فقد تعرضها للقمع كثيرا في الطفولة من أجل أن نظهر أكثر ذكاء و تعقلا و حكمة ، لكنهم لم يكونوا يعلمون أنهم يقتلون فينا أجمل شيء :البراءة و الصدق ، فأصبحنا نتصنع كل شيء :الشجاعة و الطيبة و القوة ، و لا يعلمون ما يجري بداخلنا من تغيرات تطفئ فينا كل الأصوات ، و تمحو كل الألوان ، تبيد كل أشكال الفرحة و البهجة ، و بعدما كبرنا اشتقنا لكل ذلك و بحثنا عنه طويلا و لم نجده ،فقد انطفأ النور الذي ولد بداخلنا و ولدنا به ، أطفأته يد القسوة و البطش ، يد كانت تعتقد أن القسوة أفضل أنواع التربية و أرقاها حتى ورثناها عنهم و مارسناها بدورنا مع من نحب ، مع تلك الزهور الرقيقة التي تحرقها أرق نسمة و ألطفها ، تباهينا بالصلابة و الصمود ، و لم نكن نعلم أننا بذلك نفقد جزءا من إنسانيتنا اتجاه أنفسنا ، و تجاه الآخرين أيضا ، تقمصنا أدوار الأبطال الذين لا يؤثر فيهم شيء ، في الوقت الذي كنا نسكب فيه الدموع ليلا في صمت و وحدة و لا يعلم بها أحد سوى من خلقنا . و في الوقت الذي يؤلمنا فيه مجرد مشهد طفل يبكي لأنه يذكرنا بذلك الطفل الذي مات بداخلنا و أصبحنا لا نعلم عنه شيئا ، كأنه إبننا الذي فقدناه و لا زلنا نبحث عنه على أمل لقائه يوما ما ....
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق