.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

الحب يشبه السم..بقلم د.نجية الشياظمي

و السم يشبه الحب حينما نتجرع منه في كل يوم جرعة صغيرة ، ثم نتعود على ذلك شيئا فشيئا ، و يصبح غير مؤذ لنا و لا نحس بأي تأثير له علينا ، هكذا هو الحب أيضا يفعل بنا ، يتسلل إلى قلوبنا شيئا فشيئا ، حتى يتمكن منا ، و نكتشف يوما ما أننا أصبنا بالإدمان به ، و ما عدنا نقدر على الاستغناء عمن أحببنا ، على كلماتهم ، حركاتهم ، همساتهم و كل شيء فيهم ، فقد أصبحوا جزءا منا و أصبحنا جزءا منهم ، و الجزء لا ينفصل عن الكل .
و ما عجز متعاطي المواد المنشطة إلا من هذا التأثير البسيط و المتكرر يوما بعد يوم ، إلى أن يجد نفسه يوما ما عالقا و غير قادر على التخلي ، فيصبح الألم بديلا للمتعة حينذاك ، و يصبح البعد شبه الموت ، و التخلي انفصال عن الروح و معاناة ليس مثلها معاناة ، فالابتعاد حينها يشبه كمن يسعى لسحب تلك المادة الغريبة من جسمه و التي تبعث على السعادة ، إنها هرمون الاوكسيتوسين ، فمفعوله يشبه مفعول السحر بصاحبه ، و ما تعذب العاشقون و المحبون الصادقون إلا نتيجة هذا الأمر ، حين يصبح العاشق وهنا مريضا ، لا يقوى على شيء إلا بعد رؤية حبيبه ، حيث يتعافى و يعود للحياة بعدما كان مهددا بالموت ، و كم من حبيب جن ، و كم من حبيب مات ، و منهم من مات و هو واقف على رجليه حين توقفت حياته فأصبحت بلا معنى و لا طعم بعيدا عمن أحب و من هوى .
فمهلا على القلوب المرهفة ، و رحمة بها ، فمن يدري قد تصبح هذه المادة متوفرة يوما ما في الصيدليات كعلاج لمعطوبي الحب لا الحرب ، و الحب حينما تسوده القسوة يصبح أشد ألما من الحرب ، حرب تنشب بين عقل المرء و قلبه ، و لا يد له في الوساطة بينهما ، سوى تسليم أمره و الانتظار في زاوية ما ، في انتظار أن يستسلم العقل أمام سلطة القلب أو يطغى و يتجبرو يقتل القلب بضربة قاضية لا نهوض له بعدها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق