.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

بدايات و نهايات..بقلم د.نجية الشياظمي


كل البدايات في العلاقات و كما يتكلم عنها الجميع تبدو في قمة روعتها و براءتها و جمالها عند دق الباب أو عند فتحه على حد السواء من الطرفين ، فمن يدق لا يتوانى أن يقدم أجمل ما لديه طامعا في الوصول إلى ما رتب من أجله كل شيء ، الكلام ، الابتسامة  الهندام و كل ما رآه ضروريا لأجل ذلك ، و من عليه فتح الباب أيضا يأخذ كل تدابيره ليكون في مستوى تطلعات الطرف الآخر 
فيستقبله بكل ما أوتي من حفاوة و اهتمام ، و كلا الطرفين في أشد الحماس و السعادة لاقتسام أجمل اللحظات و اقتناصها من شريط العمر المتسرع في خطواته ، غير عابئ بكل تلك الأحلام التي يرسمها أصحابها على نوافذ ذلك القطار السريع و هو يتنقل بين محطاته المختلفة ، و غير منتبه لما قد يفعله بمن يعصف بأحلامهم ، فيرديهم قتلى لا يلوون على شيء ، سوى على حفنة أمنيات تضفي بعض البريق إلى تلك اللوحة التي خط عليها الزمان بكل ألوانه القاتمة ، و لم يبال بمن أوقفوا رحلتهم رغبة في التغيير بعد ما سئموا السير في نفس الاتجاه الممل .
و تبدأ الرحلة الجميلة بكل الاحترام و المودة ، و تمضي الأيام و كل يوم لا يشبه ما سبقه و لا ما يليه من أيام ، و كأن الرحلة تبدأ من قمة الجبل ، فيبدو المشي فيها سريعا و كيف لا يكون كذلك و الانحدار أشد سهولة من الصعود ، و كل ينزل حسب سرعة رغبته في النزول ، و يتراءى لمن يراقب المشهد أن الأمور تسير نحو التدهور بسرعة شديدة ، ما بين إهمال و لوم و خصام ، و أعذار و مبررات . و هكذا تكون بداية النهاية أسهل مما يتوقع المرء . فيتغير كل شيء إلى النقيض ، و تسوء الأحوال ، و لا أحد كان يتخيل أن النهايات تكون هكذا مؤلمة لأصحابها ، و خصوصا لمن أخذوا الأمور بجدية لا رجعة فيها فتراهم يكتمون أوجاعهم خشية الشماتة ، و ما بين صعوبة الاستمرار و مرارة الانفصال ، يتيه المرء و ينقسم نصفين كالهلال_ كما غنى كاظم الساهر في أغنيته_ و يتذكر كيف كانت البداية جميلة ، و كيف أنه لم يضع في حسبانه ما يحصل له في الوقت الراهن . و لو توقع جزءا بسيطا من كل ذلك الألم لكان في أفضل استعداد لتلقي الصدمات ، و الكدمات ، و لما سالت دموعه على خديه ندما و حسرة على ما بذله و ضيعه مقابل الوهم و الخيبة .
البدايات حقا جميلة ، لكن النهايات حقا مؤلمة ، و من يتهيأ للبدأ عليه أن يعي جيدا أن لكل شيء نقصان ، و لا كمال لشيء أبدا حتى ما كان يبدو كذلك ، كمال الآخرين هو الوهم الذي نعيشه و نصدقه و يؤلمنا حينما نكتشف حقيقته الكاذبة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق