من يبحثون عن العيش بدون هموم هم حقا من يبحثون عن حياة فارغة... قد يبدو كلاما صعبا و خطيرا لكنه واقعي و صائب و صحيح ، فهل هناك حقا حياة بدون هموم ؟ و منذ متى كان ذلك ؟ فحينما بدأت البشرية في الحياة على وجه الأرض ، وجد الإنسان نفسه في حاجة و ضرورة لإطعام نفسه
فذهب للبحث عن الطعام فتسلق بذلك الأشجار لقطف الفاكهة و اخترع وسائل يصطاد بها ما يسد رمقه و يعطيه القوة و الشراسة كي يستمر في العيش مع جميع المخلوقات و التي كانت تفوق قوته أحيانا ، كما كان مضطرا للاعتناء بنفسه أيضا و حمايتها من البرد و قسوة الطبيعة فاتخذ من الكهوف و المغارات مأوى و ملجأ آمنا . و تدرجت حياته من الحضيض إلى قمة الحضارة ، كما تدرجت الصعوبات و التحديات معه من قمتها إلى أقل مستوى يعيشه الآن بالمقارنة ما كان في سابق العصور و الأزمنة ، في الوقت الذي قد يعتقد فيه البعض عكس ذلك تماما .
فكيف يمكن التفكير في عيش حياة بدون صعوبات و بدون مشاكل ؟ فليس هناك وضع مناسب لهذا إلا الفراغ ، الفراغ وحده ما يكون خاليا من كل ما من شأنه أن يخلق أي تعقيد أو صعوبة في الحياة ، و الحياة الفارغة هي أنسب وضع لمن يبحث عن حياة في غاية الراحة و السكون .
و استمرار الإنسان في عيشه لا يمكنه أن يكون كذلك إلا من خلال الاستمرار في تطوير نفسه و قدراته من أجل الأفضل و الأحسن . بل ربما أنه لن يجد لحياته طعما و لا معنى إلا من خلال الاستمتاع بالرحلة و بكل متغيراتها من منعرجات و قمم و سفوح ، هكذا يستمتع المسافر بكل ما يصادفه و كل ما يجعل رحلته أكثر إثارة و إغراء ، تجعله يود لو أنها تستمر و لا تنتهي و لا تتوقف ، و هكذا هي حياتنا رحلة من نوع خاص ، نعيشها لنستمتع بكل التفاصيل و بكل المحطات رغم أن بعضها يكون أحيانا مرهقا و متعبا ، لكن الأجمل يكون دائما بعد التعب ، فهل سنبحث دائما عن السهل الهين الفارغ أم يا ترى سنقبل و نتقبل الرحلة بكل ما فيها ، بكل تحدياتها و ألوانها و مذاقاتها الحلوة و المرة أيضا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق