صعقت حقا و بشدة هذا الصباح و انا أستمع للراديو حيث رنت في أذني جملة لطفلة من اللاجئين السوريين حينما سئلت عن أمنيتها فوجدتها تقول "أتمنى خيمة" ...
يا إلهي!!! كيف تصبح مجرد قطعة من الثوب الثقيل سقفا واقيا و حاميا لأهلها ، و كأن هذه الخيمة تساوي بيتا قوي الأركان يعج بوسائل الراحة و الرفاهية ، بل كيف تصبح أمنية و هدفا تعقد عليها الآمال ، هل نحن في نهاية الزمان حتى نعيش هذه الأجواء الحزينة و السوداوية ؟؟؟ مؤلم حقا هذا الإحساس و دون أدنى مبالغة مني ، إنه إحساس الفقر و العوز و عدم الأمان و الأوبئة و المصائب التي تنهال علينا من كل جهة ، إحساس عدم الأمان في عالم أصبح الفرد لا يهتم فيه إلا بنفسه لاغيا كل ما حوله و مغلقا أذنيه عن أي أنين أو شكوى ، فقد تعودنا كلنا على ذلك من خلال وسائل الإعلام التي لطالما روجت للانفجارات و الحروب و سفك الدماء حتى أصبحت مشاهد يومية ، تتسابق عليها محطات القنوات الفضائية كي تقدمها وجبة فاتحة للشهية وقت الغداء أو العشاء لا يهم ، المهم التعود على فقد الإحساس بالآخرين ، و ها قد تبلدت أحاسيسنا و فقدنا الشعور ، حتى أصبحت أكبر أمنية لطفلة بريئة في عيد الميلاد مجرد "خيمة" . لم تطالب هذه الصغيرة بالذهاب إلى المدرسة و لا بالتطبيب و لا بالشغل ، فقط همها الوحيد خيمة تحميها من صقيع البرد و حر الشمس . فكيف يصبح هذا العالم كئيبا لهذه الدرجة ، و كيف تصبح أعيننا غير عابئة بما يحرك الدماء و يجعلها تفور و تغلي ، كيف أصابنا برود القلوب و تحجرها . كيف يصبح الإنسان سلعة لا قيمة لها إلا في جلب الثراء و تكديس المزيد من الاموال في جيوب الاغنياء و حساباتهم البنكية . كيف يمكننا أن نجعل من هذا العالم مكانا آمنا للكبار و الصغار على حد سواء ، كيف يمكنه له أن يكون قرية صغيرة تتحقق فيها أبسط شروط العيش الكريم و الآمن ، كيف يمكننا أن نأمن على أنفسنا و أبنائنا و أحفادنا بعدنا ، لقد أصبح يعترينا الخوف و الرعب مما قد يصيبهم من الأذى_ لا قدر الله _جراء أعتمادنا على وضع القيم و المبادئ النبيلة ضمن الأولويات في تربيتهم ، لقد نسينا في لحظة أن كل شيء بإمكانه أن ينقلب رأسا على عقب فتتغير الموازين ، و تصبح كل القيم مجرد دخان يتصاعد في الفضاء كما يتصاعد دخان السجائر التي تحرق الجيوب قبل القلوب . فسلام على هذا العالم و قبله سلام على أهله الضعفاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق