و أنا ذاهبة في طريقي كالعادة بخطوات سريعة ، وجدت قطتين تتشمسان غير عابئتين لا بكوفيد تسعة عشر و لا ب أوميكرون المتحور الجديد ، و قلت في نفسي ليتني قطة مثل هاتين السعيدتين و الهانئتين ، و فجأة تذكرت النص الذي درسناه في مستوى التعليم الابتدائي من كتاب القراءة (للرائع أحمد بوكماخ) و التي كانت تحت عنوان :"جربي يا فاطمة"حيث كان النص يتكلم عن طفلة أحبت أن تكون قطة للتجرد من كل مسؤوليات الحياة ، لكن والدتها كانت ذكية ، فسمحت لها بخوض التجربة قائلة لها ، جربي يا فاطمة أن تكوني قطة ، و فعلا دخلت فاطمة الصغيرة في التجربة ، و استيقظت في الصباح غير عابئة بكل ما كانت تقوم به و هي تلميذة تستيقظ باكرا كل صباح من أجل الذهاب للمدرسة ، و توجهت للحديقة مباشرة من أجل اللهو و اللعب ، فاستمتعت بكل ما كانت لا تستطيع القيام به سابقاً في ذلك الوقت ، لكنها بعد مضي فترة من الزمن أحست بالجوع و العطش ، فذهب للمطبخ تبحث عن الأكل ، لكن الأم العاقلة طردتها ، مرددة "و منذ متى كانت القطط تدخل البيوت للأكل من طعام أهلها ، أخرجي حالا من هنا و اذهبي ابحثي عن طعامك في أي مكان آخر كما تفعل القطط .
صُدمت فاطمة و تألمت ، و كذلك عاملتها والدتها حينما جاء الليل و أحبت أن تأوي إلى فراشها ، طردتها الأم مرة أخرى مرددة نفس الكلام ، تألمت الصغيرة كثيرا ، و لأنها لم تكن تفهم الحياة كما ينبغي فقد ظنت أن حياة القطط سهلة و سعيدة .
و أنا مثلها تمنيت في تلك اللحظة عيش حياة القطط ، لكنني حينما تذكرت القصة ، انتبهت إلى أن تلك الأم الفاضلة أعطت و لقنت لنا و للطفلة درسا خيرا من ألف موعظة ، و من كل الكلام الذي كان بإمكانها أن تقوله و في النهاية كانت ستجد نفسها عاجزة عن تبليغ الرسالة الحقيقية ، و المفهوم الصحيح لتلك التجربة التي أمرت الطفلة بالدخول فيها .
يا إلهي!!! حتى القطط لم تسلم من قسوة الحياة ، و عذابها ، فماذا بإمكاننا أن نتمنى بعد كل هذا....إلا أن نبقى على ما نحن عليه ، آدميين تحملوا أداء الرسالة و شهدوا على أنفسهم بذلك .
لا خيار لنا اليوم سوى التحلي بالصبر و الثبات ، ففي النهاية كل شيء سيبدو جميلا رغم ما يشوب مرايانا _في بعض الأحيان_ من ضباب كثيف و أحيانا أسود يمنع عنا رؤية الشمس و الفرح و السعادة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق