في الآونة الأخيرة أصبحت تصدمنا أخبار الطلاق المنتشرة بشكل فظيع ، و خصوصا حينما تتعلق بزيجات كانت تبدو لنا مثالية و براقة لدرجة أن الكثيرين كانوا يعتبرونها قدوة لهم و كانوا يحسدون أولئك الأزواج على السعادة التي كانت تبدو مشعة في أعينهم تعكس مدى الارتياح و السعادة "الكاذبين" .
نتفاجأ و نحزن لهذا الأمر بل إننا نصاب بالخوف و الرعب من المستقبل المجهول ، فمن يدري قد نصبح نحن أيضا "لا قدر ألله " يوما ما في مكانهم دون علم منا ، من يدري ؟؟؟
فما المشكلة يا ترى في انهيار ذلك الصرح الجميل الذي كان يبدو
أصلب و أقوى مما نتخيل ؟ كيف يصبح ركاما كل ما تم بناؤه و تشييده في سنين طويلة ، هل هي هشاشة البناء نفسه ؟ أم أن الظروف كانت أقوى فتغلبت عليه و دمرته ؟أم هي مسرحية كان يقوم بأداء الأدوار فيها كل من الزوجين ؟ أم ماذا يا ترى حدث ؟؟؟
لكل مشكل أسباب كثيرة تساهم في حدوثه....قد تكون هشاشة البناء نفسه ، فما بني على باطل فهو باطل ، فكثيرا ما تبدو اختلافات و خلافات كثيرة في العديد من الأسر و بين الزوجين منذ البداية ، لكن أحد الطرفين الأساسيين أو ربما كلاهما معا في هذه العلاقة يخفي و يتحمل و يصبر لأجل استمرار كل ما تم إنجازه ، نعلم جيدا التضحية التي يمكن أن يقوم بها الآباء و خصوصا الأمهات في سبيل أبنائهم ، نعلم كيف يمكن لهم أن يحرموا أنفسهم من أشياء كثيرة مقابل أن يمنحوها لفلذات أكبادهم ، قد يكون هذا حقهم ، لكن الأسوء يقع حينما يعتاد الأبناء على تلك الصورة الجميلة و المزيفة ، فيُصدمون هم بدورهم بانهيار كل شيء فوق رؤوسهم ، و يُجرحون و يتألمون بسبب ذلك....لكن الوضع كان يستحق ذلك فعلا ، فاستمرار المعاناة أمر مستحيل....
يتم الانفصال في أغلب الأحيان حينما يكبر الأبناء و يصبحون معتمدين على أنفسهم . يعتقد الآباء و الأمهات ، أنهم قد قاموا بدورهم بالمحافظة على تلك الروابط إلى حين أن يكبر الأبناء واهمين بذلك أن الضرر قد يكون أهون و أخف ، يبدو الأمر نسبيا صحيحا ، فالانفصال بعد أن يكبر الأبناء أفضل منه حينما يكونون صغارا ، لكن الأمر يكون أصعب على الوالدين ، حينما يجدون أنفسهم قد بلغوا من العمر ما لم يعد يخولهم في استئناف حياة جديدة ، و خصوصا بالنسبة للأمهات في مجتمعاتنا التي يسودها الفكر الموالي دائما للرجل ، بأن له الحق بممارسة حياته و كل حقوقه في أي سن و أي مرحلة من عمره شاء ، لكن المرأة تستطيع دفن كل احتياجاتها و رغباتها النفسية و الجسدية ، و العيش بصمود و قوة إلى أن تلقى وجه خالقها.
قد يكون الاستمرار في العلاقات الزوجية المؤذية حق ، لكنه جريمة حينما نكتشف و نلمس الأذى النفسي و الجسدي الذي يقع على كل الأطراف و خصوصا الهشة أو الحساسة منهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق