.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

الإنسان قوس قزح..بقلم نجمة التدريب العربي د.نجية الشياظمي

كثيرا ما كنا نحملق في الفضاء و نحن صغارا ، بعد سقوط الأمطار الأولى ، و شمس الشتاء ساطعة بضوئها الخافت و نحن نتحرى رؤية قوس قزح ، بألوانه الزاهية الجميلة و المتعددة ، كنا نعشق النظر إليه و الاستمتاع بجماله كما كنا نحاول تعداد ألوانه فقد كانت تبدو كثيرة و زاهية.... 
تخيلت الإنسان بألوانه كألوان قوس قزح تصورته بتميزه و تعدد صفاته بلونه الأبيض الصافي و هو في قمة نقائه و براءته و صفاء روحه ، و بلونه الأسود و هو في قمة خبثه و سوئه و حقده و شره ، و بلونه الوردي و هو في قمة تفاؤله و حبه للحياة ، و بلونه الأخضر و هو في قمة عطائه و جوده و كرمه كالطبيعة و في قمة الطمأنينة و التوازن ، و بلونه الأصفر و هو في قمة الدفء و الفرح و الإبداع ، و بلونه الأزرق و هو في قمة الاستقرار و الأمان و الثقة ، و بلونه الأحمر و هو في قمة قوته و حماسه و مشاعره الفياضة ، و بلونه البنفسجي و هو في قمة حكمته و روحانياته و غناه و ثرائه و بلونه البرتقالي و هو في قمة حيويته و دفئه ، و بلونه البني و هو في قمة مرونته و قوته و أمانه ... 
كلها ألوان لا يمكن لأي منا ألا يأخذ  منها و يتلون بها مهما حاول ، فطبيعتنا البشرية تفرض علينا ما نحن عليه و ما سنكون عليه ، و هكذا نتلون بين الفينة و الأخرى بين فرحة و حزن ، بين قوة و ضعف ، بين تفاؤل و تشاؤم ، بين خير و شر . و بين كل هذه الألوان نبقى نحن ، لا نستطيع و لا نود الثبات على لون واحد و لا صفة واحدة ، نحاول قدر المستطاع أن نبقى على كل الألوان الفاتحة و الزاهية ، و مع ذلك لا تأبى الألوان القاتمة إلا أن تزورنا ، أن تستفزنا أحيانا و تسكننا أحيانا أخرى ، لا نملك إلا التقبل و الرضا حتى تتحد كل الألوان في لون واحد ، لون الصفاء لون البياض الناصع ، كما تتحد ألوان قوس قزح بعد أن تنقشع الغيوم و تسطع الشمس من جديد بكل قوتها و جبروتها  لتعلن أنها أقوى و أن كل ألوان الضوء لا تستطيع التمرد عليها و لا الخروج عن سلطتها و سيطرتها ، و هكذا يعود الإنسان إلى بياضه و ضعفه و براءته حينما يوارى تحت الثرى لا يملك لنفسه و لا للآخرين شيئا سوى رحمة رب العالمين.

هناك تعليق واحد:

  1. قبل التعليق على هذا المقال، لابد من التعليق على صاحبة المقال..
    فهي زميلة الدراسة في الهندسة الزراعية في بداية الثمانينات بالمملكة المغربية وكنا ندرس كل المواد باللغة الفرنسية.
    أما المقال، فهو بعيد عن تخصصها حيث يغور في نقس الإنسان وماهيتها وفي أسلوب شيق بعربية فصحى ممتازة.
    فهنيئا لصديقتنا بتتويع مجالات تكوينها وبلغات مختلفة وفي مستوى لغوي جيد، والأهم من كل هذا هو أن مقالها، بالرغم أنه مختصر، فتحليلها عالي ويعبر عن رؤية ثاقبة للنفس البشرية مع مقارنة موفقة بقوس قزح.

    ردحذف