كثيرا ما يفسد التعود طعم الأشياء ، و كثيرا ما يُفقِدها قيمتها و قدرها . نتعود على رؤية الجمال فيصبح عاديا في أعيننا رغم أننا قد نكون قد أنفقنا عليه الكثير ، لكنه يصبح عاديا بعد فترة وجيزة من رؤيته و التعود عليه ، نتعود على النعم فلا تكاد أعيننا تراها و تحس بها ، نتعود على الحب فيصبح إحساسا عاديا و يفقد قيمته ، لكنه يسترجعها بمجرد فقداننا له.... نتعود على القسوة أيضا فتصبح أمرا عاديا في حياتنا إلا حينما نعيد النظر في مسار الحياة الذي سلكناه ليتبين لنا بعد ذلك أننا كنا مخطئين و أن علينا تغيير دفة القيادة إلى الاتجاه الأكثر أمانا .
يساعدنا التعود على التكيف مع كل المِحَن و الصعوبات فيصبح بذلك مُصلِحا للكثير من الأمور في حياتنا بمنحه إيانا القدرة على الصبر و التحمل في انتظار الخروج من دائرة المعاناة .
لكنه يكون مفسِدا للأمور الجميلة و الجيدة ، لأنه يأخذها من دائرة الإبهار و الإعجاب الشديد ، و يضعها في دائرة و خانة العادي جدا!!! فتفقد بذلك بريقها و رونقها و لمعانها ، و تصبح باهتة فاقدة لكل إثارة و دهشة .
إنه التعود... السحر الذي يبطل سحر الأشياء و الأحاسيس و المعاني ، حتى الأنغام التي تجذبنا في أول سماع لها ، تصبح بعد فترة كأي صوت عادي لا جمال فيه و لا إثارة _إنها نظرتنا نحن فقط _فالجمال لازال موجودا ، لكن أسماعنا تعودت عليه و فقدت درجة المتعة و التمتع به ، فيصبح كأي ضوضاء عادية .
هكذا هو التعود ، يفسد حياتنا حينما لا ننتبه إليه لنجعل منه حافزا لنا على تجاوز الصعوبات ، و حينما لا نكلف أنفسنا عناء تأمل الأشياء من جديد ، و تَفَقُّدِها لنكتشف خباياها و أسرارها مرة أخرى و التي تكون هي من جذبتنا إليها في أول الأمر.
حتى التعود نعمة من نعم الله علينا ولكن يجب علينا الانتباه لشكر النعم ومحاولة تجديد انفسنا لكي لا يصبح التعود ممرض
ردحذف