بحث
نجية الشياظمي تكتب: هنيئا لك أيتها الأم المثالية
سيكبرون و ستكتشفين و تتذكرين كم كنت قاسية عليهم ، كم كنت مدققة في كل التفاصيل ، طبعا فأنت لم تكوني تتخيلين أن ما كنت تضيعينه هو تلك اللحظات الرائعة و التي لن تعود يوما ما مهما تمنيت ذلك ، كثيرا ما أرعدت و أزبدت ، و زرعت العواصف داخل البيت و أرعبتيهم في الوقت الذي كانوا فيه يلعبون و يودون لو تشاركيهم ذلك العمر الجميل ، لم يكونوا يطلبون منك أكثر من ذلك . لكن انشغال عقلك و تركيزه على أمور كثيرة لم يكن لهم شأن بها ، أنساك إياهم ، أنساك احتياجاتهم ، ظننت أن مراجعة الدروس و الحصول على أعلى الدرجات كان أهم شيء في ذلك الوقت ، ظننت أن الإلتزام بالبرنامج اليومي للاستيقاظ و النوم و إنجاز الواجبات كان أهم شيء ، ظننت أن جمال هندامهم و نظافته أهم شيء ، ترتيب الغرفة و البيت كان أهم شيء و كل شيء ....
و الآن و بعد كل هذا العمر ، ألازلت تعتقدين نفس الشيء ؟ طبعا لا ، لقد اكتشفت أن كل ذلك كان أسوء ما قمت به في حقهم . لقد أدركت بعد أن أصبحوا آباء و أمهات و أصبحوا يكررون مع أبنائهم ماكنت تفعلينه معهم أنك كنت ظالمة و قاسية ، لكنك كنت في عالم غير العالم ، و ها قد أصبحت تنهينهم عن كل ما تعلموه منك ، كم اكتشفت أنه في الوقت الذي كان الآخرون ينوهون بتربيتك ، كنت تزدادين قسوة .
ماذا كان يضرك لو كنت تسمحين بتسرب بعض المياه على بساط الصالون حينما كانوا يلعبون بالزوارق الورقية في ذلك الحوض المملوء بالماء ؟ ماذا كان يضرك لو أمهلتيهم حتى بشبعوا و ينتهوا من تركيب تلك القطع البلاستيكية لأجل صنع بيت أحلامهم ؟ ماذا كان يضرك لو أكملوا تلك اللوحة على جدران غرفة نومهم ؟ أمور و أمور حرمتيهم منها لأجل إرضاء غرورك أنت و أنت فقط ، و الآن ؟ تحاولين استرجاع ذلك العمر الذي ضاع من خلال صورهم و ذكرياتهم ، هل تستطيعين أن تعيدي و لو ثانية واحدة من ذلك العمر الذهبي و الربيعي المزهر .
هنيئا لك أيتها الأم المثالية ، لقد نجحت في أن يحصل ابناؤك على أعلى الدرجات ، و نجحت في أن يتوجوا كأفضل طلاب ملتزمين و مؤدبين ، نجحت في أن يحصلوا على أهم الوظائف
لكنك خسرت طفولتهم و طفولتك معهم .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق