الأديبة فاطمة محمود سعدالله تتجول في: مدن الأشباح

في شارع الصمت
والانتظار..
تقف الأشجارُ صفّيْن متوازيَيْن
تلملم ما تبقى من أوراق تستر عورة الوَجَل
خطى الرعب تدقّ
كمطارق الحدادين ..
عل جدران قلوبٍ من زجاجٍ
عيونُ الأطفال ترحل كل يوم
بين ردهات الحَيْرة
والحياةُ تبحث عن الحياة.
فتسقط الأسئلة في هوة الترقب.

حبات الرمل تغتسل بأحزان السماء
السماء فرضت على الطيور
حظر الحلم
والانعتاق.
وأيُّ تجوّلٍ سيَحْلُو مع رائحة الموت؟
العصافيرُ أدمت سيقانَها
الممنوعاتُ...
اختارت الانتحار هجرة جماعية
حل الصمت ..
وسكتت الحناجرُ عن التغريد
العالَم في زجاجةٍ يملؤها الرّعبُ والفراغُ.
والكونُ رفع الراياتِ البيضَ.

من رأى البحرَ؟
وهل للعيون حقُّ الإبحار خِلسةً؟
من قرأ الهمساتِ المرتعشةَ
على شِفاه الشمس؟
الشمسُ تستحي من البطالة.
دسَّت وجهها بين غيْمتين أختيْن.
الشوارعُ ساجِيةٌ
النوافذُ مُوصدةٌ ..
مختومةٌ بالشمع الأحمر.
ترى أيَّ خطيئة ارتكبتْ؟
الأبوابُ حلّتْ بها اللعنة.
نَسِيَتْ طريق الفَتْح...
.
من أفرغ القلوب من السكينة؟
كيف انتشرت عدوى الاحتكار واللهفة
كالنار في الهشيم؟
الشوارعُ فارغةٌ
والأشباحُ تتجوَّلُ بِخُيَلاء
البيوتُ تحَوّلت جُحُورا
الجيوب فارغة إلاّ من حفنةِ أمنياتٍ
القلوبُ مُثْقَلَةٌ بِوَصَايَا الحَجْر
الفراغ..
الصمت
الرعب
ندامى في مقهى خالية
إلا من كؤوس فارغةوكراسي مقلوبة.

وَحْدَها عيونُ الطفولةِ
تُحْسِن الابتهالَ..
وحده اللهُ يُجيب الدعاءَ.

فاطمة محمود سعدالله/ تونس...25/3/2020