.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

نقطة اللاعودة..دكتورة نجية الشياظمي

هناك دائما توقف و تأمل شديد ، ترفض فيه خطواتنا أن تتقدم بنا إلى الأمام أو لربما إلى الخلف ، فالعودة هي الرجوع إلى ما كان الوضع عليه من قبل . ليس سهلا أبدا دفن كل ما سبق و عدم الالتفات إليه و إلى الخلف ، إلى الماضي.
كثر أولئك الذين ينكسرون عند تلك النقطة ، نقطة التحول الخطير الذي يجعل الإنسان يولد من جديد ، في صورة أنقى و أقوى و أبهى ، عدونا هو الماضي الأليم بكل أنواعه و تفاصيله حتى طفولتنا تعتبر ماضيا أليما يسيطر على حياتنا رغم النضج و التعقل الذي نبلغه ، لكننا نبقى أسرى له في أغلب الأحيان ، تطفو صوره الجارحة على صفحات أيامنا المتتالية كي تذكرنا بأبسط التفاصيل القاتلة ، بأهون الإشارات و الرموز التي بقيت محفورة و منقوشة في أعماقنا ، تؤرخ لقسوة ، لنوع من التخلي ، لبعض الرفض و غيرها و غيرها من صور الطفولة البريئة و الجريحة.
صور بريئة لكنها تكون قاتلة لشخصياتنا حينما نكبر و نواجه المجتمع ، نجد أن كل تلك الجروح تعود للحياة من جديد كي تقف حجر عثرة في طريق تطورنا و تقدمنا للأمام بأنفسنا و قدراتنا و أهدافنا . صور بريئة لكن في عمقها انكسارات قاضية على من يستسلم لها ، على من يحس بالضعف فيرفض اختيار طريق غير ذلك الذي ألفه و استانس به رغم ان حدسه و إحساسه يملي عليه العكس و ينصحه بغير ذلك .
نقطة اللاعودة هي الفاصل و الفيصل في رحلة الحياة الجديدة المتطورة و الأقوى ، رحلة التغيير الذي يؤلم و يجعل الفرد ينسلخ من جلدته و صورته ، كما تفعل بعض الكائنات حينما تسعى للتمسك بالبقاء على قيد الحياة . نحن أيضا كبشر نحتاج أن ننسلخ عن نسخنا القديمة و الباهتة و التي لم تعد مناسبة لنا رغم تمسكنا بها أحيانا .
التقدم إلى الأمام بخطى ثابتة هو النجاح الذي علينا البحث عنه و السعي من أجله ، و التعلم من أخطاء الماضي هو الهدف الأساسي الذي جئنا من أجله إلى هذه الحياة ، و بدون تألم و تعلم لن يكون الكون في حاجة إلينا ، و لن نستطيع حتى استحقاق العيش فيه . و قد يكون التغيير الإيجابي و التقدم إلى الأمام أفضل مرة من البقاء في الصورة القديمة و الشاحبة و الفاقدة لقيمتها التي تستحقها بالفعل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق