يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من شهر دجنبر من كل سنة، اليوم الذي تم فيه اعتماد اللغة العربية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ، كلغة رسمية لها ضمن مجموعة من اللغات الرسمية ، و ذلك بهدف توعية العالم بتاريخ اللغة العربية المشرف و إبراز دورها المعرفي و الفكري و العلمي. فهل يا ترى لغتنا العربية تستحق يوما واحدا فقط للاحتفال بها؟
طبعا لا ، لأن اللغة العربية الشريفة هي لغة العروبة و لغة العبادات ،
اختارها الله من بين كل لغات العالم، لتكون لغة القرآن الكريم مصداقا لقوله تعالى” : إنا أنزلناه قرآنا عربيا
لعلكم تعقلون".
اللغة العربية تحدت كل اللغات من حيث الفصاحة و البلاغة و الصور البديعية
التي يتميز بها الكتاب العظيم،مما دفع بمجموعة من الدول، بعد انتشار الإسلام،
لدراستها و تعلمها حتى يتسنى لهم فهم القرآن الكريم . و نظرا لإقبال غير العرب على تعلمها، أصبحت تدرس في الجامعات و
المعاهد في مجموعة من الدول على سبيل المثال أمريكا و الصين.
و كل و أهدافه، فهناك من يرى تعلمها يفيده في استيعاب تعاليم الدين الإسلامي و
تمكنه من البحث العلمي و السياسي، و التعرف على ثقافات العرب ،و البعض الآخر يرى
أن إتقان اللغة العربية يساعده في التعامل التجاري كخطة لتحديد آليات التواصل مع
العرب و الاستحواذ على السوق العربية.
اللغة العربية هي لغة الضاد و هي أغنى لغات العالم من حيث المرادفات و الأضداد ،
والإعراب و دقة التعبير و الإعجاز و الإيجاز .
و قد قال فيها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلموا العربية فإنها تزيد في
المروءة، تعلموا العربية فإنها من الدين.
و قال فيها أيضا الشاعر أحمد شوقي مفاخرا:
إن الذي ملأ اللغات محاسنا جعل الجمال و سره في
الضاد.
فالبرغم من كل هذه الأهمية التي تميزت بها اللغة العربية، و العالم يخصص لها
يوما واحدا للاحتفال؟؟؟ لغتنا المقدسة لغة خالدة، حية و دائمة البقاء رغم كيد
الكائدين الذين حاولوا جاهدين التنقيص منها ، بل رغبوا في محوها ،
لكنهم لم و لن يفلحوا، لأنها محصنة بكتاب الله العظيم. تواجه لغتنا العربية تحديات تتمثل في منافسة بعض اللغات الأجنبية لها و
التي أولى لها الجيل الحالي ، الأولوية و ذلك بسبب عوامل اقتصادية كما نجد
إشكالية عدم تفاعل الأسر مع الأبناء بحيث يفضلون استعمال لغات أجنبية سواء في
البيت أو في الشارع و المرافق العمومية للتباهي بها من جهة، و لأنها تمثل
لهم الحداثة و العصرنة من جهة أخرى، مما يشكل صعوبة إتقان اللغة العربية الفصحى.
أيضا هناك عامل الرقمنة و
استعمال وسائل التكنولوجيا التي أغلبها بلغات أجنبية ، وإهمال قراءة الكتب وأعظمها المصحف الشريف.
كل هذه العوامل زادت من الطين بلة و ساهمت في تكوين جيل مثقف تقنيا و ضعيف لغويا-أقصد
في اللغة العربية الفصحى.
للمدرسة أيضا دور كبير في اضمحلال اللغة العربية، بسبب تفشي الضعف اللغوي
عند الأساتذة و الأطر التربوية مما يؤثر سلبا على المتلقين.
وسائل الإعلام بشتى أنواعها تهمل اللغة العربية الفصحى و ذلك سواء بتقديم برامج
عديدة بلغات أجنبية أو في بعض الأحيان مقدموا البرامج لا يتقنون اللغة العربية ،
فتختلط عليهم اللغات و لا يعطون لغتنا الأم حقها المشروط.
و كذلك المسلسلات والأفلام الكرتونية للصغار أغلبيتها تكون مدبلجة باللغة العامية
التي تحمل في طياتها تعابير و صور لا تمس بصلة للتعاليم الدينية و لا لمبادئنا
الإسلامية ، فيختلط الحابل بالنابل خصوصا على الأطفال الصغار الذين يتلقون بسرعة
ما يتعلمونه.
شيء يندى له الجبين، و نحن نلاحظ في برامج عديدة و نشرات الأخبار و مهرجانات
خطابية كبيرة، و ندوات و محاضرات ،لغتنا العربية تحتضر: إعلاميون و أساتذة، و مثقفون و مسؤولون كبار، يرتكبون أخطاء فادحة ، دون
أدنى مراعاة لقواعد اللغة العربية بل أصبحت عندهم في مراحل الضعف و التبعية.
وا أسفاه ، و يا حسرتاه ، كيف لنا أن نعد جيلا مثقفاو متقنا للغة العربية بكل
المقاييس، بعد هذه المهزلة و الأزمة الخانقة التي تعيشها لغة الضاد ! لغتنا العربية تحتاج منا
الاعتناء بها ، و تحتاج أن نفتخر بها و نعتز بعروبتنا و هويتنا ، تحتاج أن نقوم
بغرس حبها في أبنائنا ، و عدم التساهل مع كل من ينقص منها و يحط من قيمتها و يشعر
بالدونية عند التحدث بها
. فلنتحد و لنستعد لإرجاع كرامة اللغة العربية الشريفة فكرامتها من كرامتنا و
لا يجب الاستهانة بها.
و لنتشبث بكتاب الله الكريم و سنة الرسول الأمين لأنهما قدوتنا و سر نجاحنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق