الاضطراب من جوانب متعددة مثل النفسي والاجتماعي والشخصي والوظيفي وغيرها
الاضطراب حالة تصيب الإنسان في لحظة ما من حياته تؤثر على تفكيره وسلوكه ومشاعره وقدرته على التفاعل مع محيطه وقد يكون هذا الاضطراب مؤقتا وقد يستمر لفترات طويلة ويأخذ أشكالا متعددة منها ما هو بسيط يمكن تجاوزه بسهولة ومنها ما هو معقد يتطلب علاجا متخصصا ودعما نفسيا مستمرا قد يحدث الاضطراب نتيجة ضغوط الحياة اليومية مثل العمل أو الدراسة أو العلاقات الاجتماعية أو الأزمات المفاجئة أو بسبب عوامل وراثية وبيولوجية تؤثر على التوازن الكيميائي في الدماغ بعض الأشخاص يتعاملون مع الاضطراب بالصمت والانعزال وآخرون يلجؤون إلى الغضب والصراخ أو حتى العنف وهناك من يظهر عليه الاضطراب في شكل قلق دائم أو خوف غير مبرر أو اكتئاب عميق قد يفقد المصاب قدرته على العمل أو التركيز أو النوم أو حتى التواصل مع من حوله وعندما يتفاقم الوضع قد يصل إلى درجة تهديد حياته أو حياة الآخرين من حوله لذلك فإن الاكتشاف المبكر لحالة الاضطراب أمر ضروري وحيوي لأن التأخر في العلاج قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة يصعب معالجتها لاحقا يظن البعض أن الاضطراب النفسي عيب أو ضعف في الشخصية وهذا اعتقاد خاطئ تماما لأن الاضطراب مثل أي مرض عضوي يحتاج إلى فهم ودعم وليس إلى لوم أو سخرية تتعدد أنواع الاضطراب فهناك اضطراب القلق العام واضطراب الهلع واضطراب الوسواس القهري واضطراب ما بعد الصدمة وكل نوع منها له أعراضه الخاصة وتأثيره المختلف على حياة الفرد واضطراب الاكتئاب هو من أكثر أنواع الاضطرابات انتشارا في العالم ويعاني منه ملايين الناس بدرجات متفاوتة وهناك أيضا اضطرابات النوم واضطرابات الأكل واضطرابات الشخصية التي تؤثر على العلاقات والتصرفات بشكل واضح يمر الإنسان بمراحل مختلفة من الاضطراب دون أن يعي أحيانا أنه في حاجة إلى المساعدة لأن الاضطراب لا يظهر دائما في صورة حزن أو بكاء بل قد يكون في صورة سخرية زائدة أو نشاط مفرط أو انسحاب من الحياة الاجتماعية لهذا يجب علينا أن ننتبه إلى التغيرات السلوكية التي تطرأ على من نحب ونمد يد العون لهم بدلا من الابتعاد عنهم إن التوعية المجتمعية بأهمية الصحة النفسية وضرورة التعامل مع الاضطراب كأمر واقعي وممكن الحدوث لأي شخص هي من الخطوات الضرورية للتقليل من آثاره السلبية على الفرد والمجتمع ومن المهم أن نوفر للأشخاص بيئة آمنة تتيح لهم الحديث بحرية عن مشاعرهم وتجاربهم دون خوف أو خجل كما أن المدارس والجامعات يجب أن تدمج برامج الدعم النفسي داخل منظومتها التعليمية لتساعد الطلاب على مواجهة ضغوط الحياة وتعلم مهارات التكيف مع المواقف الصعبة وكذلك أماكن العمل يجب أن تهتم بالعاملين من الجانب النفسي وتوفر لهم سبل الراحة والتوازن بين الحياة الشخصية والمهنية لأن الإنسان إذا شعر بالطمأنينة والتقدير كان أكثر قدرة على الإنتاج والعطاء هناك أيضا جانب مهم في علاج الاضطراب وهو الدعم الأسري لأن الأسرة تلعب دورا محوريا في تخفيف آثار الاضطراب من خلال الاستماع والفهم والمساندة وليس من خلال التوبيخ والاتهام ولابد من التأكيد على أن طلب المساعدة ليس ضعفا بل هو خطوة شجاعة نحو الشفاء وعلى المجتمع أن يدرك أن العلاج النفسي ليس شيئا نخجل منه بل هو حق من حقوق الإنسان في أن يحيا حياة متوازنة وسليمة وعلينا أن نكسر الحواجز ونشجع على الحوار ونرفع من مستوى الوعي ونغير النظرة النمطية حول الاضطرابات النفسية كي نعيش جميعا في مجتمع أكثر تفهما ورحمة وتعاون لأن الاضطراب ليس نهاية الطريق بل قد يكون بداية لفهم الذات وإعادة ترتيب الحياة من جديد.