بحث
هول الكارثة..دكتورة نجية الشياظمي
و كأن تلك البقعة من الأرض كانت على موعد مع الخراب ، مع الدمار الشامل ، في عمق الليل و غطيط الأحلام ، تنهار الجدران و الأسقف على أصحابها ، و قد ناموا قريري العين بعد أن أطفأوا الأنوار ، و تفاءلوا خيرا بالغد . غريبة هي الدنيا تُمنّينا و فجأة ترمي بكل شيء في وجوهنا غاضبة عاصفة دون أدنى تفسير و لا تبرير.
استيقظنا يومها على ركام لم نعهد مثله أبدا ، جثت تُنتَشل حية و أخرى لم يكتب لها البقاء لترى نور شمس اليوم الموالي ، هكذا يتحطم كل شيء فجأة ، تذوب كل الأمنيات و تتبخر في الفضاء كغبار تلك الجدران المسحوقة المتناثرة .
التقت قوة القدر و الطبيعة ، فبدت أمامها قوة الانسان أضعف مما كان يتخيل . رعب و فزع و انقطاع أنفاس أصحابها ، كم نطمئن و ننسى ، و لا نتخيل ما قد يحصل لنا و نحن في غفلة من أمرنا ، نخطط ، نرسم و نمني النفس التي لا تشبع ، و لا تتوقف عن طلب المزيد ، من يدري لو توقفت عن فعل ذلك هل كان سيحلو لنا الغد ، هل كنا سنكتفي باليوم فقط دون طلب المزيد من الغد و بعد الغد ، و طول الايام المتوالية .
و تحل بنا المصائب على غفلة ، و دون سابق إنذار ، و حتى لو انذرتنا ماذا عسانا كنا نستطيع فعله لتفادي كل ما حصل ، ربما كان هلعنا سيكون أفظع و أكبر ، فانتظار المصيبة أشد من وقوعها ، و يبقى الانسان ضعيفا مهما تخيل قوته التي يتباهى بها ، لتأتي هزة واحدة تهد ما بناه في سنين و تجعله أنقاضا و ركاما . و أمام تمزق القلوب وجعا على المفقودين ، و أمام دموع و ابتسامات الأطفال ، لا يملك الكبار إلا ضبط النفس ، و مواساتها، و لا تملك البشرية إلا تضميد جراح بعضها البعض و مسح دموعهم ، فكم من المآسي مرت و لازالت تمر . فالأيام كفيلة بأن تنسينا كل شيء حتى ما كنا نظن أنه لن يُنسى .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق