.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

القلوب صفحات..بقلم د/ نجية الشياظمي


و أنت تقلب في دفتر حياتك ستجد صفحات مشرقة تفتخر بها  و أخرى بيضاء لم تدون عليها أي شيء بعد ، و أخرى سوداء لكنك لا تراها لأنك مزقتها أو محوتها ، لأنك لا تود الاحتفاظ بها ، لكنها عند بعضهم سوداء كالليل الطويل المظلم . كلما نظروا إليها و قلبوها حركت بداخلهم دخانا أسود ، ملأه الحقد و الغل و الكراهية،  فقط لأنهم أحبوا و قرروا الاحتفاظ بها بداخلهم سوداء ، لأنهم لا يعرفون التسامح ، لا يعرفون النقاء ، يحبون السباحة و الخوض في المياه المتعكرة و المتعفنة . هكذا هم أناس يصدموننا بسواد قلوبهم في الوقت الذي تجد نفسك فيه و قد سامحتهم على كل شيء ، تجدهم محتفظين بكتاب ملطخ سجلوا و دونوا عليه كل التفاهات و السخافات التي جعلوا منها أصناما يعبدونها ليل نهار ، ليذكروك بها في كل مرة تتيح لهم الفرصة ذلك . ليذكروك أن اللون الأسود هو المفضل لديهم ، و أن الحقد و الغل هي أقوى المشاعر لديهم ، فهم لا يعرفون سواها ، و تجدهم يلبسون عباءة الشيطان في كل مناسبة ، كي يلونوا كل المساحات البيضاء التي تعترض سبيلهم ، باللون الأسود . و أقوى الألوان السوداء سوادا . فسواد الحقد و الغل و الكراهية و عدم التسامح ، أكثرها حلكة و هما و غلا على القلوب .
الحقيقة هي أن لكل منا اختياراته ، و لكل منا أولوياته . فهناك من يعتقد أن تلك المشاعر السلبية التي تسكنه قوة و شجاعة ، في الوقت الذي لا تعبر فيه هي إلا على مدى ضعفه و هوانه .
فيجتهد بكل قواه في المحافظة على نفسه بتلك الصورة و الشخصية الضعيفة و المسكينة و المريضة على الدوام ، يعتبر سعادة غيره شقاء له و راحته تعاسة مستمرة . فلا يغمض له جفن إلا بعد أن يذر في عينيك بعضا من ذلك الدخان الذي يملأ قلبه و الذي ينفثه في كل مرة رآك على غير الصورة التي يودها هو .
حقا إنه لداء مميت غير أن صاحبه لا يعي ذلك ، و قد يحمل مهح كل ذلك الركام الأسود ذهابا و إيابا و طيلة حياته و ربما حتى بعد مماته ، تعكر عليه رقاده في تلك الحفرة الضيقة ضيق صدره و مدى رؤيته و أفقه المحدود جدا . فاللهم احفظنا منهم و من سوادهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق