.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

قوامة عرجاء..بقلم د.نجية الشياظمي

من عجائب الأمور في عالمنا العربي  المتشبع و بشدة بالفكر الذكوري أن تجد إخوة يحجرون على أخواتهم بمنع توزيع الميراث ، حرصا على تلك التركة التي يعتبرونها من حقهم كإسم الوالد الذي ينتسبون إليه و يحملون إسمه ، و في نفس  الوقت الذي تجد فيه كلا منهم يعيش حياة هادئة مع زوجته . و دون أن يلقوا بالا للقوامة التي تحمل الذكر مسؤولية الأنثى   التي لا  تأخذ إلا نصف حصته هو . فتجدهم حريصين على عدم مشاركة أي غريب _أزواج أخواتهم مثلا_ في حصة الإرث المشترك ، و من غرائب الصدف أن تجد إحدى الأخوات تعيش ضائقة مادية ، و لا أحد يبالي بها ، فلا هي تستطيع الاستفادة من حصتها و لا أحد من "الرجال" يهتم لحالها ، فأين هي القوامة إذن وسط كل هذا الغباء و اللامبالاة ، هل يعتقدون أن الله مثلا ظالم حينما خصص للذكر مثل حظ الأنثيين_ في حال كان هذا أمر من الله فعلا أو هو مجرد تعديل لقوانين الجاهلية التي ساعدت قبل ظهور للاسلام _ أم أن ذلك الذكر  هو الأذكى حينما استغل الموقف لصالحه ، و لطالما تكرر هذا الموقف في المشاهد اليومية لمجتمعاتنا ، و ما المحاكم المكتظة بهذا النوع من المشاكل إلا دليل صارخ على ما أكتبه الآن ، بل إن الأسوء يحدث حينما تطول هذه القضايا في المحاكم دون إيجاد حلول لها ، لغاية ما يبدأ الورثة في الاختفاء واحدا تلو الآخر  فالبقاء لله أولا و أخيرا ، فتذهب الأنثى إلى قبرها و غصة ظلم الإخوة لها أشد ألما من الموت الذي لحق بها ، فالموت على الأقل  قد أراحها من المعاناة ، و ما عانته هي سيعانيه ورثتها هي أيضا بعدها في حال كان بينهم ذكر يعتبر رجولته في أعضائه فقط  ، لأنهم و بالضرورة لن يتنازلوا عن نصيب أمهم . و هكذا يعيش المجتمع في دوامة البؤس الذي كتبه أحدهم لمجرد أنه اعتبر نفسه وصيا على الآخرين بدل ذلك الأب الذي اجتهد و كد و عمل لكنه للأسف لم ينتبه إلى أن الجد الحقيقي هو أن تترك أبناءك من بعدك ، متحدين مرابطين و متحابين ، فهذا هو الميراث الحقيقي الذي لا يفنى . فلا حق لأحد في حرمان الآخرين مما حلله الله لهم . لكنها عقليات عقيمة و تبرر جحودها ، و تفكيرها المحدود بانهيار الأسعار ، أو عدم تناسبها مع ما تهواه أنفسهم .
فأين هي القوامة هنا إذن إن لم تكن مجرد ممارسة السلطة الظالمة و القمع و القسوة على الإخوة فيما بينهم ، و كم من الأسر قاطعت بعضها ، بسبب هذا المشكل التافه ، و كم من الظلم لحق بالكثيرين جراء مفاهيم ظلت مقلوبة و معكوسة القصد و الهدف ، و بدل أن تفيد المجتمع و تساعده على التقدم جعلته يرزح و يعاني في التقهقر و العودة إلى الوراء .

هناك تعليق واحد: