لا آمنه على كل شيء..قصة قصيرة بقلم د.نجية الشياظمي

كان آخر يوم من شهر شعبان و الذي صادف يوم عطلة ، كانت الطبيعة بجمالها و خضرتها و كأنها  تنادي تعالو شاهدوا إبداع الخالق ! خصوصا بعد سقوط أمطار الخير الأخيرة .
و قد استجبنا نحن _ أمي ، أختي ، ابنة اختي و انا _  للدعوة ، و قبلناها و خرجنا في ذلك اليوم الرائع . و على جانب ذلك الطريق القروي كانت النساء البدويات متواجدات يعرضن ما 
أبدعته أيديهن من منتوجات فلاحية: خضر ، بيض بلدي ، لبن ممخوض ، زبدة بلدية ، و أيضا فطائر لشهر رمضان و غيرها من المنتوجات الطبيعية ،  و ما كان يجذب الناس أكثر هناك هو التوقف لتناول وجبة "سيكوك" ،و هو عبارة عن كسكس ناضج على البخار يضاف إليه اللبن الرائب الممخوض بعد إزالة الزبدة منه ، حيث يُغمر جيدا و يقدم في أواني  مع القليل من الملح أو السكر حسب الرغبة . 
طلبت أن نتوقف لتناول تلك الوجبة الخفيفة و الشهية و المغذية في نفس الوقت . و فعلا تم ذلك ، كانت السيدة التي تشرف على ذلك المحل في متوسط العمر ، قوية البنية و نشيطة و بشوشة ، و عند مغادرتنا و بعد أن اشترينا من عندها 
ما نحتاجه :كمية من البيض البلدي و الزبدة و بعض ما تبقى لديها من خضار ، فقد كان الإقبال على تلك المنتجات كبير لطراوتها و جودتها . و بعد تناول وجبة "سيكوك"
و قبل المغادرة همست لها : 
*و كيف تتصرفين في المال الذي تحصلين عليه ؟
أخبرتها أنني لا أتدخل في خصوصياتها بقدر ما أود أن أعرف كيف تتم الأمور بالنسبة لهاته النساء المجدات ، فهناك العديد من المشاكل التي تتعرض لها الأسر بخصوص دخل الزوجة .
ثم أضفت 
*لو كان سؤالي محرجا لك فلا تردي 
ابتسمت لي  و ردت :
_اضعه في صندوق المال الخاص بنا أنا و زوجي ، و نصرف منه على كل شيء و ما تبقى ندخره .
لكنها و قبل أن نغادر بقليل عادت تكمل كلامها معي ضاحكة و معترفة : 
_أعطيه جزءا و أحتفظ بالباقي ، لا أستطيع أن أعطيه كل شيء
فأنا لا أضمن المستقبل و ما يخبئه!!!
شكرتها و شجعتها على اجتهادها و دعوت الله أن يوفقها ، ثم غادرنا المكان .
أعجبني اجتهادها و حسن تدبيرها ، و ذكاؤها أيضا ، فهذا حقها .
و من يضمن لها لو أعطته كل شيء أن تجد فيما بعد مبلغا تعالج به نفسها لو لا لقدر الله و مرضت ؟؟
الثقة ضرورية  لكن الحذر مطلوب . و كم من النساء تعرضن للضياع بعدما وضعن كل شيء بين أيدي أزواجهن ، لكنهن قوبلن بالجحود و النكران .
تعليقات