من المؤكد أن النجاح لا يكون نجاحا إلا في الأمور المستعصية و الصعبة و التي تعذرت أو ربما استحالت غلى الآخرين ، و لهذا فإن جل الناس بل كلهم يبحثون عنه و عن النجاح ، يجتهدون و يعملون من أجله . فكل سهل هين يفقد قيمته ، و لذلك فإن الصعب يبقى دائما هو الأكثر إثارة و جذبا للآخرين ، ربما لأن الإنسان منذ بداية حياته أعتمد في البحث على غذائه على القنص أو الصيد ، لأن تحقيق و توفير الأساسيات أول خطوة في سلم تقدير الذات و المتعدد الدرجات و المراحل ، و بذلك كان من البديهي أن تكون الفريسة الأكثر توفرا أقل قيمة و استجابة لاحتياجاته ، فهي ليست على ما يرام ، و لا في قمة قوتها و اكتمالها كي تكون وجبة لذيذة و مغرية له .
و بذلك تعود على بذل المجهود المتعمد في البحث عن الأفضل و الأحسن و الأجود .و قد يكون البحث عن الأفضل ليس من السهولة بمكان و بذلك يكون من أكبر دواعي سعادتنا جميعا ، و من منا يستطيع أن ينكر لحظات سعادته و غبطته عند تحقيقه هدفا أو حلما كان يراه صعبا أو مستحيلا ، بل إنه حتى ربة البيت العادية لن تستطيع نكران ذلك حينما تدخل في تجربة وصفات جديدة للأكل ، رغبة منها في إسعاد أسرتها ، فنجدها تتباهى و تفتخر بتحقيق ذلك و إنجازه مع أنه مجرد هدف بسيط ، و قد لا يوليه أفراد العائلة أي إهتمام لكنها هي تعلم جيدا ماذا حققت ، و أنها الخطوة التي تمهد لقطع مسافة الأف ميل . هذا ما يجعلنا نبحث دائما عن الجديد و الغير مألوف ، لأنه لم يسبق لنا الخوض في تجربته و بذلك فهو يكون أصعب و أفضل مما تعودنا عليه ، فهذا هو التحدي الذي يعطي للحياة طعمها المميز و الجميل ، بدل الغوص في كل مرة في عيش نفس الظروف الرتيبة و المملة . و لأننا لسنا بنفس درجة القوة و الطموح فقد نجد من يخالف هذا و يعترض عليه . و لأن الله خلقنا و خيرنا و أعطانا حرية القرار و لأن كلا منا مسؤول عن اختياراته ، يكون هذا أحيانا من أسباب الخلافات بين الناس في اختيار طرق مختلفة... أحيانا بين الأزواج و أخرى بين الأصدقاء و المعارف . لكننا في النهاية نتفق على أن تحقيق الأهداف و تجاوز الصعاب من أهم ما يجعلنا نتعلق بالحياة و نستطعم لذتها و نكتشف ألوانها البهية و الجميلة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق