.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

غياب مؤلم خير من حضور قاتل..دكتورة نجية الشياظمي

من قال أن حياتنا تتوقف على أحدهم ؟ ...
و من يعتقد أن حياته ستتوقف بمجرد غياب أحدهم عنها ، أب ، أو أم ، زوج أو اي كان ، فليعلم أن حياته أصلا متوقفة و هو فقط متوهم أن حياته مستمرة بينما هي واقفة و ربما منتهية . كل حياة تعتمد و تتطور و تتغير و تتقدم و تستمر بفضل صاحبها و بناء على رغبته و مجهوده هو فقط ، لا على وجود غيره فيها ، أي نعم نحتاج الدعم و السند أحيانا ، لكن هذا لا يمكنه أن يكون شرطا لاستمرار حياتنا ، فالغياب في اي لحظة أمر لا هروب منه ، سواء منا  أو من الآخر ، فلا أحد يضمن بقاء أحد في حياته ، حتى الموت لا يعلن قدومه لنحضر أكفاننا ، يباغتنا جميعا في اي وقت شاء ، و لا نملك إلا أن نفتح أبواب قلوبنا للحزن و بعده للفرح ، فلا دوام لحال .
البقاء أصعب شيء في هذا الوجود بجميع أشكاله ، البقاء على العهد ، البقاء على العشرة ، البقاء على الصداقة ، حتى البقاء على نفس الشكل و الطباع يصعب فماذا لو كان البقاء على قيد الحياة  مع شخص ما ، فهذا النوع من البقاء لا قيمة له إذا كان لا يحقق و لو القدر البسيط من الراحة و السعادة و الكرامة ، كثر أولئك من يمنعون أنفسهم من تقبل المغادرة منهم أو من الآخرين ، ففي نهاية الأمر حرية الاختيار حق مكفول للجميع في البقاء أو الانسحاب ، و حياة كريمة في عزلة خير من غيرها ، فالعزلة لا تعني دائما أن يكون الانسان بعيدا عن الآخرين ، أبدا فأشد أنواع العزلة تلك التي نحس بها و نحن وسط حشود من البشر لكننا لا نحس بأي تقارب و لا تشارك عميق  في أي شيء معهم . هكذا تصبح الغربة إحساس داخلي قاس ، لا يحتمل و لا يطاق ، و مهما حاولنا تجاهله يأبى إلا أن يلاحقنا في كل زمان و مكان .
يتحول كل ألم إلى أمل و تتحول كل نار إلى نور حينما ندرك المغزى الحقيقي من ذلك الاختبار الذي قاومناه طويلا ، لكننا لم نتمكن من الانتصار و التغلب عليه ، فاستسلمنا لعيش الواقع و تجربته مع أنه فعلا واقع في الأسفل و في الأرض ، لكنه يرفعنا إلى أعلى الدرجات حينما نتقبله و نتعايش معه و نتعلم منه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق