ستبقى رائحة محفظي الجلدية الأولى تسكن ذاكرتي إلى الأبد ، كلما دخلت دكانا للمشتريات الجلدية إلا و زارتني صور ذهاب يومي الأول للمدرسة ، لم أذهب قبلها لا لروضة و لا أي مكان للتعلم سوى بيتنا ، حتى أنني لم أتعلم كتابة الحروف ، لم يعلمني أحد حتى والدي رغم مهنته كمدرس ، لا أعلم لم فعل ذلك ، ربما هي ثقته الزائدة في قدراتي على استطاعتي التعلم دون مساعدة مسبقة ، ربما كان على حق ، فقد كنت دائما مجتهدة و معتمدة على نفسي .
و سيظل طعم أول "آيس كريم" عالقا بعقلي و لساني و حلقي و نحن بجانب تلك البحيرة في مدينة إفران في أحد المقاهي الهادئة و الفاخرة و التي لازالت تشهد على ذلك إلى يومنا هذا ، و حتى حينما كبرت كنت كلما جلست بها _رغم تدهور حالتها_كلما تذكرت ذلك الشيء اللزج الملون و الذي يؤكل بالملعقة و الذي يذوب بسرعة في ذلك الكأس الزجاجي الشفاف ، كان طعمه فريدا ، لم أتذوق مثله أو أجمل منه لغاية هذا اليوم ....
و ستظل الأوقات التي ضبطت عليها أول ساعة يدوية لبستها أجمل الأوقات ، هكذا أنا ، أو ربما هكذا نحن _لم يسبق لي أن استفسرت عن الموضوع ، لكن أول و أجمل إحساس أعيشه ينقش داخل قلبي تاريخه بكل صدق و إخلاص و لا يأبى إلا أن يلازمني في كل وقت و حين ، يختبئ طويلا ثم ما يلبث أن يظهر من جديد ، ليفاجئني و كأنني أعيشه لأول مرة ، ذكريات العمر لا تبلى أبدا ، ننساها قليلا ثم تعود لتفتح ملفاتها في قلوبنا من جديد ، تبتسم و تهمس لنا ، أن أيام العمر لا تبلى و أحداثه الجميلة لا تُنسى...
كما ستظل أول خفقات قلوبنا من أول رعشة حب هي الأغلى في العمر كله ، ربما هو الإخلاص....
لست أدري إن كان كل الناس مخلصين لذكرياتهم ، لكن ما أعلمه أن الذكريات تبقى مخلصة و وفية لأصحابها هي لا تلوم و لا تعاتب و لا تندم ...نحن فقط من يفعل ذلك....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق