و نأتي جميعا إلى هذه الحياة، نفتح أعيننا على بحرها ، نلعب نحبو على رمالها ، نلعب بمياهه المالحة ، نتسلى و نتمتع ، نجمع صدفاتها و أحجارها الملونة ، و في كل مرحلة نتقدم خطوة خطوة ، و مع كل خطوة نزداد طولا و عرضا و نضجا ، و فجأة نجد أنفسنا وسط أمواجه الصاخبة أحيانا و الهادئة أخرى ، و بين خوف و جرأة نتأرجح ، ونتقدم شبرا و نتأخر آخر ، و لا سبيل لنا و لا مخرج إلا في الاستمرار ، إلا في الصمود و التشبث بإتمام المسير ، الذي لم نخيًَر فيه ، و لم يكن لنا سواه ، لأن ذلك ما اقتنعنا به و لا شيء غيره ، و لا سبيل في العودة إلى الوراء ، أبدا ، لقد قضي الأمر ، و نرى الناس يتهافتون بين مقبل و مدبر ، و متردد ، و ناجح ، و فاشل ، و سعيد و تعيس ، كل منا عبارة عن سفينة ، تلاطمها الأمواج تارة ، و تدفعها بيسر و لين تارة أخرى ، فنطمئن أحيانا ، و لا يهدأ لنا بال بقية الأحيان ، إنه بحر واسع و عميق، و زاخر بالثروات الخيرات
لكن من يجرأ على مصارعة بحر قوي لوحده ؟ نتعلم من بعضنا ، ونساعد و ندعم بعضنا ، و منا من يصل إلى مبتغاه و منا من لا يتمكن ، و يمضي بنا العمر ، و فجأة نكتشف أن الحل الأفضل و الأمثل ، يكمن في المغامرة و المحاولة ، فماذا يمكن أن يخسره الانسان أكثر من التراجع إلى الوراء ، و تفادي هذه الموجة العاتية ، و هذه العاصفة الهوجاء، و هذا الضباب الكثيف ، ...و هذا ...و هذه...، بينما من تحلى بالشجاعة و القوة و التوكل قد خاض غمار المخاطرة ، و اجتهد و كد و تعب ، لكنه وصل مسرورا مفتخرا بنفسه و بشجاعته و إنجازاته ، في الوقت الذي بقي فيه أقرانه ، يراقبون كل أهوال ذلك البحر عن كثب ، و بخوف و رعب ، منتظرين الفرصة الأقل خطرا ، و الحياة لا تمنح الجبناء الكثير من الفرص ، إنها تساند الأقوياء ، و تمنحهم أكثر فأكثر ، و كل من تردد سيأسف على ما فاته و يبكي حينما لا ينفع بكاء و لا ندم .
ليس هناك ما هو أجمل من عيش الحياة بتفاؤل و سعادة و شجاعة ، و من ضيع الفرصة سيبكي بقية عمره .عش و تمتع و تدارك ما فاتك ،لكن لا تقعد مكتوف اليدين تضرب أخماسا في أسداس و تندب حظك إلى آخر العمر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق