.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

"اسمي حبيبته"..قصة قصيرة لـ محمد البابلي



على فراشها الوردي استيقظتْ (رباب) ابنةُ الثلاثةِ والعشرين عاما من نومها ، بعد قضاءِ سهرة الاحتفالِ بعيد ميلادها مع الأصدقاء ونظرتْ لنتيجةِ الحائطِ التي يظهرُ بها جلياً أنه آخرُ يومٍ بشهرِ آذار عام 1997 ميلاديا كذلك نظرتْ نحو الهاتف ، ثم حوَّلت عيونها نحو الساعة وكأنها على ميعادٍ مع مهاتفةٍ تنتظرها ، قامتْ إلى الحمام لتغتسلَ ثم أعدتْ لنفسها وجبةَ الإفطار ، ثم جلست على المائدةِ تتناولُ وجبتها ولا زالت ناظرةً نحو الهاتفِ متعجبةً تتحدث إلى نفسها
-
إنها المرة الأولى منذ شهور لا يتصل هذا المتطفل لإلقاء تحية الصباح؛ ربما حدث عطل مفاجئ في تليفونه؛ أوو. كم يسعدني هذا؛ في الغالب هو الآن أسفل المنزل كعادته ينتظر نزولي ليتتبعني حتى أصل إلى محل عملي بالشركة؛ وسوف أكون أكثر سعادة إذا حدث هذا العطل بقدمه أو برأسه حتى لا أراه مجددا
-
ارتشفت قهوتها وحملت حقيبتها وخرجت من منزلها متجهة إلى محل عملها القريب من المنزل؛ ظلت تسير وتتلفت خلفها لترى هذا المتطفل ولكنها لم تراه هذه المرة فتعجبت؛ وحين وصلت إلى مقر عملها وقبل أن تدخل قابلت زميلتها (حنين) أمام باب الشركة فصافحتها ومدت هي الأخرى بصرها فلم تراه فحدثتها: أين الشاب الذي يسير خلفك كالظل؟ لا تقولي بإنك أبلغت عنه الشرطة بعد ملاحقة دامت أكثر من سبعة أشهر على الأقل
-
أجابتها (رباب): وماذا أقول لهم؛ إنه لم يتجاوز حدود اللياقة ولم يضايقني أو يتحرش بي؛ إنه غادر من نفسه (ضحكت) يبدو أنه يأس مني فرحل دون عودة ودون وداع بعد أن ترك هدية عيد ميلادي على باب الشقة
-
وهل قبلتيها
-
وهل لي خيار آخر؛ كيف إذن أردها وصاحبها مجهول ومجنون بشكل كلي
ركبا المصعد وخرجا منه إلى المكتب وجلست كل منهما تباشر عملها؛ ولكن فضول(رباب) جعل قصة هذا المجهول لا تفارق عقلها؛ وإن كان قد قرر المغادرة فلماذا جاء بالهدية؟ هكذا حدثت نفسها بصوتٍ عالٍ دون أن تدري
-
قامت متمطعة نحو الشرفة ناظرة إلى رصيف الشارع تبحث عن أثر له
-
ساعدينا يا (رباب) في البحث عنه
-
فانتبهت حين أيقظها زميل لها يحدثها
-
عذرا عمَن؟ 
-
الملف المفقود
-
ابحث عنه في الدرج الأخير للشنون المعدني
-
وعادت تتحدث إلى نفسها: لابد وأنه مريض جميعنا يمرض ويرقد بالسرير أو ربما سهر كثيرا وغلب عليه النوم فلم يستيقظ في الصباح؛ وبالأحرى سأراه في انتظاري كعادته عند عودتي إلى البيت؛ المهم أنني سأجده
-
ولماذا أريد أن أجده – نعم بالتأكيد أريد أن أجده لأرد له هديته؛ فأنا لا أقبل هدايا من الغرباء
 -
وبعد قليل أخرجتها (حنين) من حوارها النفسي
-
 لقد وجدته 
-
 أين؟ 
-
 كان في المكتب المجاور ذهب مع الأوراق بالخطأ
-
 عمن تتحدثين؟ 
-
 عن الملف المفقود
 -
تباً لهذا الملف الذي أصبح محور حديث الشركة بأكملها
-
 لا عزيزتي؛ لم يشغلك الملف بقدر ما شغلك المجهول؛ الذي بدأ يتسلل إلى قلبك بعدما كان يتسلل خلفك
 -
ارتبكت (رباب) قليلا وارتعش صوتها ولكنها لازالت تكابر في حديثها
-
 لا طبعا؛ بالطبع لا؛ كل ما هنالك إنني أريد أن أرد له هديته ليعلم بأنني لا أقبل هدايا من الغرباء أمثاله؛ كذلك أحثه على عدم تتبعي
-
 وانتهى حديثهما؛ كذلك انتهى يوم العمل؛ فأسرعت(رباب) بالخروج على غير عادتها لتتأكد أنه بخير وفى انتظارها كما يفعل كل يوم؛ وهبط حماسها حين مدت بصرها إلى آخر حدوده ولم تراه؛ وظلت طول الطريق تتلفت عليه ولكن دون جدوى؛ فأقنعت نفسها بأنها لا تهتم ومارست أعمالها اليومية وتسوقت بالسوبر ماركت ثم صعدت إلى شقتها وأعدت وجبة الغداء وجلست تتناولها ناظرة إلى التليفون الذى خرس مع اختفائه؛ كذلك أكلت أكثر من اللازم وهى سارحه؛ هي لا تعرف عنه شيئا ولا حتى اسمه؛ ربما لم يكن هو نفسه طامح في الارتباط بها؛ لذلك لم يتجرأ على التحدث إليها؛ لم ينطق إلا بضع كلمات عبر الهاتف كل صباح: صباح الخير ؛لعل النهار مشرقٌ لكونك شمسه وإشراقه إلى اللقاء؛ ثم يغلق السماعة دون تعقيب أو انتظار ردٍ يرضيه
-
ظلت حائرة لا تعرف الترجمة الحقيقية لمشاعرها؛ قلقة؛ مشفقة؛ محبة لا أستثنى هذا الخيار هكذا تحدث نفسها كل دقيقة؛ وفجأة قامت وأحضرت الهدية التي تركها أمام شقتها وهو يعلم جيدا بأنها تحتفل بعيد ميلادها خارجها
-
لم تفتحها من قبل ولكنها فعلت ربما يكون بها إجابة توضح أنه سيسافر أو على الأقل ترك اسمه أو رقم تليفونه أو أي شيء يجعلها مطمئنة عليه
-
إنها ساعة للحائط أنيقة وخلفيتها صورة (رباب) مرسومة بدقة وريشة فنان لم يوقع حتى عليها؛ اندهشت بالصورة وأعجبتها كثيرا وقرأت ورقة معايدة خلف الهدية قليلة الكلمات كعادته: -- كل عام وأنتِ سعيدة وجميلة وطيبة كم أتمنى أن أضيف عمري لسنوات عمرك. الوداع
-
لقد قال الوداع ولم يقل إلى اللقاء؛ كيف هذا! هكذا تحدثت إلى نفسها مجددا، وقررت أن ترد له هديته بعد الوصول إليه؛ لقد قادها ذكاء المرأة في الوصول إليه عن طريق محل الهدايا الموضوع عنوانه أسفل حقيبة الهدايا؛ لقد قررت أن تتبعه كما كان يفعل هو
-
وبعد أن ارتدت ملابسها وقفت أمام المرآة تنظر إلى وجهها وتصرخ: أنا حمقاء
وأخذت الهدية واتجهت إلى المحل والتقت بصاحبه الذي حدق في وجهها كثيرا ثم قال: اه أنت صاحبة الساعة؛ أقصد صورة الساعة
-
ردت عليه: أجل أنا هي؛ والآن؛ هل باستطاعتك أن تدلني عليه؟ 
-
في الحقيقة أنا لا أعرفه؛ لكنه يبدو أحد الرسامين في بيت الفنون على ناصية الشارع؛ إنه شخص رائع؛ هادئ لا يجادل ولا يفاصل ويبدو أنه يحبك كثيرا؛ شكرته وعزمت على الانصراف فناداها مجددا: سيدتي؛ ما اسمك حتى إذ لم تجديه أبلغه بأنك سألتي عليه 
-
فقالت دون أن تتلعثم أو تتردد: اسمي حبيبته
-
 ثم اتجهت مباشرةً إلى بيت الفنون ولا تعرف أي وجهة تقصد هناك؛ ودار في خيالها أنها سوف تراه يحمل بالتة الألوان في يده وهو يرسم إحداهن وتفاجئه؛ ثم تخرج ثمن الهدية وتلقيه بوجهه
-
 وسرعان ما غيرت السيناريو وقررت أن تبتسم له وتقول: هذا لطف منك ولكني لا أتهادى من أغراب، ثم غيرت السيناريو مجددا وقررت أن تقول له: علينا أن نتعرف أولا؛ أنا لا أعرفك فكيف أقبل هدية رجلٍ مجهولٍ بالنسبة لي؛ ثم دخلت بيت الفنون وذابت كل السيناريوهات؛ حيث إنها لم تراه ضمن الموجودين وظلت تتجول كالتائهة لمدة نصف ساعة وبعدها قررت المغادرة؛ وقبل أن تتحرك حدق أحدهم في وجهها ونطق اسمها بيقين: أنتِ رباب أليس كذلك؟ ابتسمت من داخلها وقالت: بلى؛ أنا هي
مد يده بالسلام وقال لها
-
 أنا(شريف) صديق (هشام).
صافحته باهتمام وسعادة داخليه، أخيرا عرفت اسم المجهول (هشام)؛
- كيف تعرفت عليَّ بهذه السهولة؟ 

-
 أجابها: عرفتك من صورك. تعجبت وسألته مجددا: أهي أكثر من صورة! ضحك (شريف) وقال لها: مرسم (هشام) لا يوجد به غير صورك. وفى هذه المرة تعجبت باندهاش وكررت السؤال: وأين هو الآن؟ 
-
 أجابها: لأول مرة هو غير موجود بمرسمه؛ غير أنه أعطاني المفتاح بالأمس وقال لي: ربما تحتاج لبعض الأدوات أو الألوان؛ خذ ما تريد منها؛ ولم أره من بعدها. صمت قليلا ثم انتبه: لما لا تتفضلي بالدخول إلى مرسم (هشام). ورافقها إلى المرسم وفتح ثم جلست على المقعد وهي مذهولة؛ لقد رسمها في أكثر من موضع ومراحل سنية مختلفة وكأنه يعيش معها بنفس البيت بل بنفس الغرفة؛ انصرف(شريف) ليحضر لها كوبا من الشاي؛ وهي بدورها قامت تتجول بالمرسم وتتدخل في خصوصياته حتى وجدت أچندة العام الحالي وبها مذكراته فـاحتفظت بها لتعرف منه عنه؛ وجاء(شريف) وسألته: أثناء احتسائها الشاي
-
 ماذا تعرف عن (هشام(
فأجابها:- ليس الكثير رغم أنني الصديق الوحيد المقرب له؛ ليس غير أنه وحيد بعد حادث حريق التهم عائلته في فترة صباه؛ وكان هذا الحادث شهيراً وقتها حيث إن العمارة بأكملها احترقت في منطقة.... 
قاطعته وهي سارحة:
-عمارة مصر الجديدة

-
 أجابها (شريف)بحماس: هي فعلا. هل كنتِ. قاطعته مجددا
-
 جارة (هشام) (وسرحت أثناء تذكرها). أذكر هذا الحدث الذي نجوت منه بأعجوبة مع أبى وكان هو عائلتي. وصمتت قليلا ظنا منها أن(هشام) لم يكن يتابعها بصفته حبيب؛ بل كان يبحث عن ماضيه وذكرياته بها؛ وقد صدمها هذا الظن لأنها شعرت بحبه يدب في قلبها؛ وبعد ذلك قالت في نفسها لا يهم؛ ستتداوى الأمور عندما ألتقيه مجددا؛ ربما أصارحه بحبي بل وأقبِّله أيضا؛ لم يكن ارتباكي حين انقطع عني غير محض حب ينبت بداخلي وازدهر حين عرفت من هو
-
 ولكن أين هو؟
- ربما هو مريض؟ هكذا أيقظها (شريف) بسؤاله ، نظرت إليه وقالت: ولماذا لا نذهب إلى بيته لنطمئن عليه أجابها: أنا حتى الآن لا أعرف بيته؛ غير أنه غيَّر مسكنه القديم وسكن بالقرب من بيتك

-
 قامت وتأهبت للرحيل وقالت: سأغادر الآن إلى البيت ؛ ربما أراه في الجوار، اتصل بي عندما يأتي دون أن تخبره بزيارتي
-
 وكتبت له رقم تليفونها وتبادلته مع تليفون المرسم وغادرت عائدة إلى بيتها وبعد أن وصلت جلست تتصفح أجندة يومياته وظلت الانطباعات تتغير على وجهها؛ تضحك لمواقف تعلمها وتبكي أيضا عندما ذكر مدى الألم الذى لحق به بسبب سوء معاملتها إلى درجة بكائه؛ وقررت أن تتصفح آخر يومياته لتعرف سبب اختفائه وصدمها المحتوى الأخير من يومياته الذى قال فيه نصا: أبدا ؛ لم تشعر بي ولا بحبها الذى يجري بشراييني؛ لم تتذكر في وجهي ملامح طفولتنا؛ حتى لم تلتفت إلى كغريب برهن لها بمدى حبه طيلة السبعة أشهر الماضية؛ أبدا لم تشعر ولن تشعر؛ والآن؛ عليَّ أن أغادر عالمها؛ بل وعالمي فلم يعد لي حياة على هذه الأرض من بعد الأهل والحبيبة ؛ آه الحبيبة ؛ أتمنى ألا يحزنها فراقي حين تعلم من أنا ؛ حتما ستعلم فلقد تركت لها ميراثي في وصية؛ كذلك قصتي معها متمنيا لها حياة أفضل من الحياة التي عشتها
-
انتفضت واقفة بين ذهاب وإياب؛ لا تعرف كيف تتصرف حتى اهتدت إلى أن تتصل بصديقه (شريف) وحين أجابها قالت له: لا وقت لدينا؛ صديقك ينوي الانتحار وعليك البحث عن أي شيء يدلنا على مكانه حتى آتيك لنبحث معا ونزلت إلى الشارع مجددا تفحص بعيونها كل الشوارع المحيطة بها؛ تبحث بعيونها التي لم تكف عن البكاء والشعور بالذنب والشعور بالحب معا حتى قابلت (شريف) عند المرسم وكان مرتبكا للغاية وقال لها: علينا أن نتجه نحو كوبري قصر النيل؟ 
-
 فسألته مستفسرة: لماذا كوبري قصر النيل؟ 
-
لأن زميلنا (عادل) كان يرسم شراع مركب هناك ورآه من ساعة ونصف تقريبا
-
فاتجها نحو كوبري قصر النيل؛ يتجولان بين الناس ويحدقان في كل الوجوه. وحين رئيا زحاما عند نقطة معينة ذهبا إليه وكان أحد الصحفيين يُجري حديثا مع أحد الصيادين في مجمله يحكي قصة الشاب النحيف الذي ألقى بنفسه من أعلى الكوبري فعلما أنه قد فات الأوان على إنقاذه ؛ فخرت (رباب)على الأرض باكية لا يتفوه لسانها إلا بكلمة أنا السبب؛ كذلك وضع (شريف) يده على رأسه حزينا وقد شل الخبر عقله عن التفكير؛ وفي هذه الأثناء استرسل شاهد العيان في حديثه وقوله بأنه لم يسقط في الماء بعد أن صادف مرور إحدى مراكب التنزه فسقط عليها وهذا الذي قلل فرصة نجاته من الموت؛ وبين نحيبها وارتباك (شريف) يمرُّ العائدون من المرسى الذي لجأت إليه المركب ويتحدثون عن الشاب وسوء حظه بأنه لم يمت وربما يظل عاجزا باقي حياته فتنتفض (رباب) مجددا وتمسك بالرجل وكأنها أمسكت بلص هارب وقالت له: ماذا تقول هل هو حي ؟ فأجابها: نعم وحملته الإسعاف إلى مستشفى قصر العيني
-
وعلى الفور استقلت هي و(شريف) سيارة أجرة متجهين إلى المستشفى ويدور في بالها كل السيناريوهات التي تصب في مجرى واحد وهو استكمال عمرها معه على أي وضع هو فيه كان مشلولا أو غير ذلك؛ وعرفت في المستشفى أنه في غيبوبة متجبس الذراعين كالمصلوب يبحثون عن المزيد من الدماء لتعويضه ما فقده منه؛ وكانت هي وصديقه المتبرعان له وتطابق الفصيلة كان لها؛ فكيف يكون كل هذا الحب صدفة؛ أما (شريف) فتبرع بالتبادل حيث إن فصيله دمه مختلفة عنهما؛ ربما لا تتشابه إلا في الإخلاص والمحبة
-
تحدثت إلى الطبيب النوبتجى عن كيفية نقله إلى مستشفى خاص فأجابها: لا يجوز هذا في الوقت الحالي؛ فهناك إجراءات وتحقيقات وفحوصات؛ هل أنتِ قريبته
فأجابته: بل حبيبته 
.
سألها مجددا: ما اسمك؟ أجابته: اسمي حبيبته. تعجب الطبيب الشاب وقال لها: لماذا ترفضين ذكر اسمك؟ أجابته بما لا يتوقع: لأنني أخطط لخطفه من هنا ورعايته بالبيت. زاد تعجب الطبيب وصمت قليلا ثم استرسل قائلا: تعلمين بأن الإهمال في المشافي الحكومية لا حدود له؛ كذلك الروتين العقيم؛ انتظري حتى أتأكد من عدم وجود نزيف داخلي لأنه سقط على مشمع سقف المركب؛ فمرت قدمه وعلقت يداه لأنهما كانتا مفرودتين كالطائرة فإذا كان لا يتجاوز ذراعين مكسورين فسوف أساعدك على خطفه؛ بل سأتابعه في مكانه الجديد. اندهشت(رباب) لتصرفه النبيل وسألته: هل سيضرك هذا في العمل؟ أجابها: وهل كنت حارس الأمن لديهم. المستشفيات الحكومية تتمتع بالفوضى المطلقة ولن يسأل عنه أحد؛ وإن سأل أحدهم سنقول بإن المجهول هرب حين استفاق من غيبوبته
-
وبالفعل؛ ذهب الطبيب وفحصه وفى هذه الأثناء؛ كان (شريف) يقوم بتجهيز سيارة ومساعدين راكنين بالجراج؛ ثم جرته مع الطبيب على السرير المتحرك بحجة الاتجاه إلى غرفة الأشعة؛ بينما اتجها بالمصعد إلى الجراج وحملوه إلى السيارة وودعوا الطبيب وغادرا المستشفى وهو معهم
-
وعلى سريرها الوردي حل (هشام) ضيفا لا يدري بأنه وصل إلى أكثر من غايته التي يعيش من أجلها في يوم وليلة وظلت(رباب) بجواره طيلة الليل تنتظر استفاقته لتتحدث إليه وتلومه على أنه جعلها تبكي في تلك الليلة
-
وبعد ساعات من محاولة انتحاره؛ استفاق (هشام) قليلا ليرى ذراعيه مفرودتين بالجبس على سرير وردى الفرش والستائر؛ وحبيبته جالسة بجواره تترقب رجوعه إلى الحياة؛ فلم يصدق نفسه واستدار بوجهه ثم عاد مجددا ليسألها: كيف؛ هل أنا ميت؟ فأجابته بمكر 
- :
أجل؛ أنت ميت وأنا حور عين في خدمتك فقال: إذن؛ ليتني متُّ منذ زمن بعيد. فأجابته بحنان وشوق: ستعيش يا حبيبي في أحضاني إلى نهاية العمر؛ ولا تنسى أن حبي لم يعد يجرى في عروقك وحده بل دمى أيضا؛ ولى الحق بعد أن كبلوا ذراعيك بالجبس بأن أطعمك وأسقيك وأقبلك وقتما أشاء
فتح(هشام) عيونه على أوسع درجة وحاول الحركة متعجبا وحدثها: كيف إذن؛ الجو يؤكد أنه ليس حلما وأنتِ حبيبتي (رباب) والواضح أن خطة انتحاري فشلت و....... 
قاطعته(رباب) وأن صديقك (شريف) تعب كثيرا معنا حتى تصل إلى هنا سأحكي لك من البداية. وظلت تحكى له القصة فيما تبقى من الليل وتشرح له ويضحكان ويبكيان وتغيرت حياتهما في يوم وليلة واحدة
-
 قد يكون الحب كامنا بداخلك دون أن تدري؛ قد يكون عالقا في عقلك الباطن وليس ذاكرتك؛ قد تكون المسافة بينك وبين الحبيب بضعة أمتار وأنت تبحث عنه في مكان آخر على بعد أميال؛ قد تكون راحة قلبك وعقلك مع الشخص الذي لم تتوقع يوما أنه سيكون لك ؛ فإذا رأيت الناس جميعا تنظر في اتجاه واحد فالتفت أنت، سترى الذي لا يستطيعون رؤيته
#محمد_البابلي
صحفي وروائي مصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق