.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

الخلفاء الراشدون..بقلم د.فاتن زين العابدين

أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
هو أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ (50 ق هـ - 13هـ / 573م - 634م) هو أولُ الخُلفاء الراشدين، وأحد العشرة المُبشرين بالجنَّة، يَعدُّه أهل العلم خيرَ الناس بعد الأنبياء والرسل، وأكثرَ الصَّحابة إيماناً وزهداً، عادة ما يُلحَق اسمُ أبي بكرٍ بلقب الصّدِّيق، وهو لقبٌ لقَّبه إياه النبي مُحمد لكثرةِ تصديقه إياه.
ولد أبو بكر الصدِّيق في مكة سنة 573م بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان من أغنياء قُريش في الجاهليَّة، فلما دعاه النبي مُحمد إلى الإسلام أسلمَ دون تردد، فكان أول من أسلم مِن الرجال الأحرار ،ثم هاجر أبو بكر مُرافقاً للنبي مُحمد من مكة إلى المدينة، وشَهِد غزوة بدر والمشاهد كلها مع النبي مُحمد، ولما مرض النبي مرضه الذي مات فيه أمر أبا بكر أن يَؤمَّ الناس في الصلاة.
وتوفي النبي مُحمد يوم الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وبويع أبو بكر بالخِلافة في اليوم نفسه، فبدأ بإدارة شؤون الدولة الإسلامية من تعيين الولاة والقضاء وتسيير الجيوش، وارتدت كثير من القبائل العربية عن الإسلام، فأخذ يقاتلها ويُرسل الجيوش لمحاربتها حتى أخضع الجزيرة العربية بأكملها تحت الحُكم الإسلامي، ولما انتهت حروب الرِّدة، بدأ أبو بكر بتوجيه الجيوش الإسلامية لفتح العراق وبلاد الشَّام، ففتح مُعظم العراق وجزءاً كبيراً من أرض الشَّام.
توفي أبو بكر يوم الإثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ،الموافق 23 اغسطس لعام 634 ميلادى وكان عمره ثلاثاً وستين سنة، فخلفه من بعده عمر بن الخطَّاب.
بعد أن تمت بيعة أبي بكر البيعة الخاصة في سقيفة بني ساعدة، اجتمع المسلمون في اليوم التالي للبيعة العامة، قال أنس بن مالك: لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد، جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: «أيها الناس، إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهداً عهده إلي رسول الله ، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا، وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله رسوله ، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم: صاحب رسول الله ، وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه»، فبايع الناس أبا بكر بعد بيعة السقيفة.
ثم تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله، ثم قال:أما بعد أيها الناس، فإني قد وُليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.
وقد بايع الزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب أبا بكر في اليوم التالي لوفاة الرسول محمد، وهو يوم الثلاثاء، قال أبو سعيد الخدري: لما صعد أبو بكر المنبر، نظر في وجوه القوم، فلم ير الزبير بن العوام فدعا بالزبير فجاء، فقال له أبو بكر: «يا ابن عمة رسول الله وحواريه، أتريد أن تشق عصا المسلمين؟»، فقال الزبير: «لا تثريب عليك يا خليفة رسول الله »، فقام الزبير فبايع أبا بكر، ثم نظر أبو بكر في وجوه القوم، فلم ير علياً بن أبي طالب، فدعا بعلي فجاء، فقال له أبو بكر: «يا ابن عم رسول الله وختنه على ابنته، أتريد أن تشق عصا المسلمين؟»، فقال علي: «لا تثريب عليك يا خليفة رسول الله »، فقام علي فبايع أبا بكر.
في شهر جمادى الآخرة سنة 13هـ، مرض الخليفة أبو بكر واشتد به المرض، فلما ثقل واستبان له من نفسه، جمع الناس إليه فقال: «إنه قد نزل بي ما قد ترون، ولا أظنني إلا ميتاً لما بي، وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي وحل عنكم عقدتي، ورد عليكم أمركم، فأمِّروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمَّرتم في حياة مني كان أجدر أن لا تختلفوا بعدي»،فتشاور الصحابة، ثم رجعوا إلى أبي بكر فقالوا: «رأيُنا يا خليفة رسول الله رأيُك»، قال: «فأمهلوني حتى أنظر لله ولدينه ولعباده»، ثم وقع اختيار أبي بكر بعد أن استشار بعض الصحابة على عمر بن الخطاب، ثم كتب عهداً مكتوباً يُقرأ على الناس، وكان نص العهد:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب، إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً، فإن عَدَلَ فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بَدّلَ فلكل امرئ ما اكتسب، والخير أردت ولا أعلم الغيب: «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».
وقد روت السيدة عائشة خبر وفاة أبيها أبي بكر فقالت: «أول ما بُدئ مرض أبي بكر أنه اغتسل وكان يوماً بارداً، فحم خمسة عشر يوماً لا يخرج إلى صلاة، وكان يأمر عمر بالصلاة وكانوا يعودونه، وكان عثمان ألزمهم له في مرضه»،وقالت السيدة عائشة: قال أبو بكر: «انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت في الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة بعدي»، فنظرنا فإذا عبد نوبي كان يحمل صبيانه، وإذا ناضح (البعير الذي يُستقى عليه) كان يسقي بستاناً له، فبعثنا بهما إلى عمر، فبكى عمر، وقال: «رحمة الله على أبي بكر لقد أتعب من بعده تعباً شديداً».
واستمر مرض أبي بكر مدة خمسة عشر يوماً، حتى مات يوم الاثنين ليلة الثلاثاء 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ، قالت السيدة عائشة: إن أبا بكر قال لها: «في أي يوم مات رسول الله ؟»، قالت: «في يوم الاثنين»، قال: «إني لأرجو فيما بيني وبين الليل، ففيم كفنتموه؟»، قالت: «في ثلاثة أثواب بيض سحولية يمانية ليس فيها قميص ولا عمامة»، فقال أبو بكر: «انظري ثوبي هذا فيه ردع زعفران أو مشق فاغسليه واجعلي معه ثوبين آخرين»،فقيل له: «قد رَزَقَ الله وأحسن، نكفنك في جديد»، قال: «إن الحي هو أحوج إلى الجديد ليصون به نفسه عن الميت، إنما يصير الميت إلى الصديد وإلى البلى». وقد أوصى أن تغسله زوجه أسماء بنت عميس، وأن يدفن بجانب النبي محمد، وكان آخرَ ما تكلم به أبو بكر قولَ الله تعالى: «توفني مسلماً وألحقني بالصالحين»وتوفي أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين سنة، استوفى سن النبي محمد، وغسلته زوجه أسماء بنت عميس، ودفن جانب النبي محمد، وقد جعل رأسه عند كتفي النبي، وصلى عليه خليفته عمر بن الخطاب، ونزل قبره عمر وعثمان وطلحة وابنه عبد الرحمن، وألصق اللحد بقبر النبي محمد.
وارتجت المدينة لوفاة أبي بكر، ولم تر المدينة منذ وفاة الرسول يوماً أكثر باكياً وباكية من ذلك المساء، وأقبل علي بن أبي طالب مسرعاً باكياً مسترجعاً، ووقف على البيت الذي فيه أبو بكر، فقال: «رحمك الله يا أبا بكر، كنت إلفَ رسول الله وأنيسه، ومستراحه وثقته، وموضع سره ومشاورته»، إلى أن قال: «والله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله بمثلك أبداً، كنت للدين عزاً وحرزاً وكهفاً، فألحقك الله عز وجل بنبيك محمد ، ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك»، فسكت الناس حتى قضى كلامه، ثم بكوا حتى علت أصواتهم، وقالوا: «صدقت».
.......................................................................................
الفاروق عمر بن الخطاب:
عُمر بنُ الخطَّاب: ما منْ حديث ٍ به المُخـْتار يفـْتخرُ.. إلاّ وكُنْت الذي يعْنيه يا عُمــــــرُ
عُمر بنُ الخطَّاب: يا راشداً هَـزَّتْ الأجيال سيرَتُـــهُ.. وبالميامين حصرا ً تشْمَخُ السِيَرُ
من هو عمر بن الخطاب ؟
إنه عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر (وهو قريش) بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، العدوي القرشي.
نسب عمر بن الخطاب
يُنسب إلى بني عديّ، وهم قبيلة عدنانية من بطون قريش العشرة.
لقب عمر بن الخطاب
لقب عمر بن الخطاب هو الفاروق, ولقب بالفاروق لأن الله فرّق به بين الكفر والإيمان.
شخصية عمر بن الخطاب
حباه الله سماتٍ أهلّته لأن يكون من الرِّجال الذين لهم دورٌ في رسم خطوط التاريخ..
صفات عمر بن الخطاب
دعونا نبحر ونرسم صورته المهيبة في خيالنا
فقد كان ضخماً طويلاً أصلع الرّأس، كثيف اللّحية، عريض الكتفين، قويّ البُنية.
وفي عينيه حَوَرٌ، وفي لحيته صُفرةٌ، وفي عينيه حُمرة.
يميل إلى السُّمرة في لون بشرته، وفي رواية أنه كان أبيض اللّون واسمرّ عام الرّمادة من شدّة ما أصابه من التّعب والجهد تحت أشعة الشّمس وهو يتفقّد أحوال الرَّعية.
أخلاق عمر بن الخطاب
أما عن أخلاقه فلنتأمل ونقتدي
كان زاهداً في الدّنيا مقبلاً على ما عند الله حتى قال عنه عثمان رضي الله عنه: يرحم الله عمراً، من يطيق ما كان يطيق عمر؟!!.
هيبة عمر بن الخطاب
بما أعطاه من صورة في جسمه وبدنه
وما لاقاه من مواقف في حياته
وبشديد ذله وانكساره بين يدي خالقه ومولاه
قال ابن عبّاس: (مَكَثْتُ سنة أريد أنْ أسأل عمر بن الخطَّاب عن آيةٍ، فما أستطيع أنْ أسأَلَهُ هَيْبَةً له).
حبّه لذكر الله والبكاء من خشيته
كان الصّحابة يسمعون صوت بكائه وهو يتلو الآيات.
وكان في وجهه خطّان من أثر الدّموع، فقد كان يبكي عند الكعبة، فالتفت إليه رسول الله وقال له: «ههنا تُسكَبُ العَبَرات».
تواضع عمر بن الخطاب
كان متواضعاً أمام خالقه وبين رعيّته، على الرغم ما كان له من الهيبة وما كان تحت حكمه من بلادٍ.
كان ينام في المسجد ويتجوّل بين رعيّته دون أن يكون له جيشٌ يحرسه.
لمّا دخل عليه الهُرمُزان؛ رآه ممدّداً في المسجد دون حرس، فقال: هذا والله الملك الهنيء.
لمّا دخل عليه وفدٌ خاضعون لحكمه أحسّ بالعزّة في نفسه، فأراد أن يمحوها فخرج حاملاً الماء على ظهره.
احزمه في الدّين وغضبه لانتهاك محارم الله
شبّهه رسول الله بنبيّ الله نوحٍ -عليه السّلام- لشدَّته في أمر الله..
ومن غيرته على حرمات الله ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذْ قالَ: بيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي في الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إلى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلتُ: لِمَن هذا القَصْرُ؟ فَقالوا: لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَبَكَى عُمَرُ وقالَ: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يا رَسولَ اللَّهِ).
زوجات عمر بن الخطاب
تزوّج -رضي الله عنه- سبع نساء في الجاهليّة والإسلام:
زينب بنت مظعون
مليكة بنت جرول ولكنّه طلّقها
قُريبة بنت أبي أُميّة المخزوميّ ثُمّ طلّقها
أُم حكيم بنت الحارث بن هشام، ثُمّ طلّقها، وقيل لم يُطلّقها
جميلة بنت عاصم
عاتكة بنت زيد
أُم كلثوم بنت علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما
اولاد عمر بن الخطاب
كان له تسعةٌ من الأبناء الذّكور، وهم: عبد الله؛ الفقية والمحدث، وعُبيد الله وعاصم وزيد الأكبر وزيد الأصغر وعبد الرحمن الأكبر وعياض وأبو شحمة عبد الرحمن الأوسط، عبد الرحمن الأصغر.
ومن الإناث سبعة، وهنّ: حفصة؛ أم المؤمنين ورُقيّة وفاطمة وعائشة وصفيّة وجميلة وزينب.
عمر بن الخطاب قبل الاسلام
مهنة عمر بن الخطاب قبل الاسلام
وُلد في مكة المكرمة وعاش في طفولته حياة الفقر والعوز، وشدة الحياة وقسوتها، فعمل في رعي الإبل، مما ترك أثراً كبيراً في شخصيته، فجعله أكثر مقاومة للصعاب، وأشد تحملاً للمسؤولية، وأبعد عن حب الراحة والترف.
وفي مرحلة الشباب انتقل من العمل برعي الإبل إلى التجارة، واستطاع أن يجمع ثروة، فقد رُوي عنه أنه قال لعياش بن أبي ربيعة حينما أراد الرجوع إلى مكة بعد الهجرة: (والله إنك لتعلم أني من أكثر قريش مالا فلك نصف مالي ولا تذهب معهما)، يقصد أبا جهل والحارث بن هشام.
كنية عمر بن الخطاب قبل الاسلام
لقب بأبي حفص، والحفصُ: هو الأسد، وقالوا: كني عمر بذلك لشجاعته وقوته وخفته، فيذكرون عنه أنه كان يمسك أذن الفرس بيد ويثب على ظهر الفرس، دون أن يعتمد على شيء.
اسلام عمر بن الخطاب
دخل في الإسلام وهو في سن السادسة والعشرين، وكان الرجل الأربعين في ترتيب من دخلوا في الإسلام، ولم يتم تحديد تاريخ دخوله في الإسلام، ولكن ابن اسحاق ذكر أنه دخل في الإسلام بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة، وقد ذكر الواقدي أنه أسلم في ذي الحجة من السنة السادسة للبعثة.
عمر بن الخطاب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
خرج الفاروق -رضي الله عنه- عازماً على قتل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فصادفه رجلٌ في طريقه مُعلِماً إيّاه أنّ أخته قد أسلمت، فانطق إليها حاملاً إليها غضبه وحنقه.
فلم وصل إذ بها تقرأ آياتٍ من سورة طه، فتأكّد من إسلامها وضربها وزوجها، ولما رأى دمها يسيل من رأسها رقَّ فسألها طالباً ما كانت تقرأه، فأعطته إيّاه بعد أن اغتسل. فقرأ من سورة طه حتى قوله -عزّ وجلّ: ﴿ إِنَّني أَنَا اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري﴾.
فانطلق عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- إلى مكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومَن معه من الصحابة، وأعلن إسلامه وتوحيده لله -تعالى-، وبأنّ محمّداً عبد الله ورسوله.
هاجر إلى المدينة المنورة علناً ومتحدياً، فخرج إلى الكعبة المشرفة، وطاف بها سَبْعاً، وصلّى ركعتَين عند المقام، ثمّ دار على المشركين وهو يحمل سيفه وقوسه وسهامه، وخاطبهم قائلاً: (شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلّا هذه المعاطس، مَن أراد أن تثكله أمّه ويُيتّم ولده وتُرمّل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي)، فلم يلحق به أحدٌ.
لماذا سمي عمر بن الخطاب بالفاروق؟
لقب بالفاروق لأن الله فرّق به بين الكفر والإيمان، وذلك أنّ إسلامه كان عزاً للإسلام والمسلمين، فبعد أن كان النبي والصحابة يجتمعون في دار الأرقم بن الأرقم بعيداً عن أعين الناس، أصبحوا بعد إسلامه رضي الله عنه يخرجون للصلاة عند الكعبة، ويجاهرون بدعوتهم أمام الملأ.
رأى عمر أنّ المسلمين على الحق فلماذا يخفون أنفسهم، فخرج يوماً يتقدم مجموعة للمسلمين بينما يتقدم الأخرى حمزة بين عبد المطلب رضي الله عنه، وعيون المشركين ترقبهم بغيظٍ ولا تقدر أن تفعل شيئا لقوة عمر وبأسه.
فوائد من اسلام عمر بن الخطاب
شعر المسلمون بالعزّة والقوة والمنعة، فلم يكن أحدٌ منهم يستطيع أن يُصلِّي علانية، أو يطوف حول الكعبة، وانتصفوا ممّن ظلمهم، وقد أعلن إسلامه للمشركين، فأصابتهم الكآبة من هذا الخبرِ الصعب عليهم، وقد أشار ابن مسعود إلى هذا المعنى فقال: (ما كنا نقدر أن نُصلِّي عند الكعبة حتى أسلم عمر).
صفات عمر بن الخطاب بعد الاسلام
القرآن الكريم نزل موافقاً لرأي الفاروق في العديد من الأحداث:
رأيه في أسرى بدر: فبعد انتهاء معركة بدرٍ استشار النبي -عليه الصلاة والسلام- بعض الصحابة في الأسرى، فكان رأي أبا بكر أخذ الفدية، وكان رأي الفاروق أن يُقتلوا ولا يؤخذ منهم فدية، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأي أبي بكر رضي الله عنه، ولكن القرآن الكريم نزل موافقاً لرأي عمر رضي الله عنه، حيث قال تعالى: ﴿ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكونَ لَهُ أَسرى حَتّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُريدونَ عَرَضَ الدُّنيا وَاللَّـهُ يُريدُ الآخِرَةَ﴾.
اتّخاذ مقام إبراهيم مصلى
عدم الصلاة على رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول عند وفاته
مسألة حجاب أمّهات المؤمنين
غزوات عمر بن الخطاب
كان للفاروق المشاركة القوية في جميع الغزوات مع رسول الله، وهذه قائمة الغزوات التي شارك فيها الفاروق عمر بن الخطاب وهي 28 غزوة بداية من غزوة الابواء حتى أخر غزوة وهي غزوة تبوك
الغزوات التي شارك فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عام 2 هـ : غزوة الأبواء، غزوة بواط، غزوة العشيرة، غزوة بدر الأولى، غزوة بدر الكبرى، غزوة بني سليم، غزوة بني قينقاع، غزوة السويق.
عام 3هـ: غزوة ذي أمر، غزوة بحران، غزوة أحد، غزوة حمراء الأسد.
عام 4 هـ: غزوة بني النضير، غزوة ذات الرقاع، غزوة بدر الآخرة.
عام 5هـ: غزوة دومة الجندل، غزوة بني المصطلق، غزوة الخندق، غزوة بني قريظة.
عام 6هـ: غزوة بني لحيان، غزوة ذي قرد، غزوة الحديبية صلح الحديبية.
عام 7هـ: غزوة خيبر، غزوة عمرة القضاء.
عام 8هـ: فتح مكة، غزوة حنين، غزوة الطائف.
عام 9هـ: غزوة تبوك.
خلافة عمر بن الخطاب
من مواقف عمر بن الخطاب في خلافته
لمّا وصل تاج كسرى وسواريه لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: “إنَّ الذي أدَّى هذا لأمين”، فقال له رجل: “يا أمير المؤمنين، عففتَ فعفوا، ولو رتعت لرتعوا“.
أهم الفتوحات في عهد عمر بن الخطاب :
فتح دمشق
سار المُسلمون إليها مع أميرهم خالد بن الوليد والتقوا مع الرّوم بقيادة باهان، وحصل بينهم قتال شديد، وهُزم بعدها الرّوم، مما أجبرهم على دُخولِ دمشق وإغلاق الأبوابِ عليهم.
فحاصرها المُسلمون وكان أن سمع خالد بقيام الروم بإقامة حفلٍ لصاحب دمشق، فهيّأ السلالم للدخول عليهم في المساء، وتسلّق بعض الصحابة الكِرام على السور، وفتحوا الباب لبقيّةِ الجيش، ودخل عليهم خالد ثم اتّفق معهم على الصُّلح، وكتب بذلك إلى عُمر -رضي الله عنه-.
فتح عمر بن الخطاب للقدس
كتب عمرو بن العاص إلى عُمر -رضي الله عنهُما- يستشيرهُ في أمرِ القُدس، فترك الأمر إليه، فبدأ بمعركة أجنادين التي كانت تمهيداً لفتح القُدس، ووزّع أرطبون قائد الرّومان في القُدس جُنوده على الرملة وإيليا اللتان تبعُدان ثمانية عشر ميلاً عن القُدس؛ استعداداً لأي تحرُّكٍ من المُسلمين، فكانت خُطة عمرو بن العاص بإشغال الرومان في فلسطين حتى ينتصر في أجنادين، ثُمّ يتفرّغ هو ومن معه لفتح القُدس.
ثُمّ قام عمرو -رضي الله عنه- بإشغال الرومان في الرملة وإيليا بإرسال قواتٍ من المُسلمين لقتالهم، وأنهى معركته في أجنادين، ثُمّ حاصر إيليا ثلاثة أيام، وبدأ بعدها برمي السهام عليهم، واستمر ذلك الحال إحدى عشر يوماً، حتى جاء أبو عُبيدة وخالد، مما جعل أهل إيليا يرتعبون من ذلك، وحاصروهم أربعة أشهر إلى أن يئسوا مما هُم فيه، فقرّروا الاستسلام، وجاء عُمر واستلم مفاتيحها منهم.
معركة عمر بن الخطاب مع الفرس
كتب المثنى بن حارثة إلى الخليفة عمر يستحثه على الهجوم وانتهاز فرصة جلوس يزدجرد الثالث حديث السن على العرش، لكن الجيوش الفارسيَّة بقيادة رستم انتصرت في موقعة الجسر، وقُتل المُثنى وأبو عبيدة بن مسعود الثقفي، فعهد الخليفة بالقيادة إلى سعد بن أبي وقاص، فقصد سعد القادسية، وانتصر في معركة القادسية الشهيرة ودحر جيوش الفرس.
أسّس سعد مدينة الكوفة، ثم توغل واستولى على المدائن، فهرب يزدجرد وجمع حوله جيشًا من جديد، وتبعه سعد وأوقع به فهرب يزدجرد إلى خراسان، وأرسل الخليفة عمر مجموعة من القادة ففتحت نهاوند، والأهواز، وتوقفت الفتوحات باستشهاد الخليفة عمر.
استشهاد عمر بن الخطاب
ماذا قال عمر بن الخطاب عند وفاته
في آخر حجّة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي طريق العودة دعا الله -تعالى- قائلاً: (اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي، وضَعُفَتْ قُوَّتي، وانتشرَتْ رَعِيَّتي، فاقبِضْني إليكَ غيرَ مُضَيِّعٍ ولا مُفَرِّطٍ)، ورُوي أنه كان يتمنّى الشهادة في سبيل الله قائلاً: (اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً في سَبيلِكَ، واجْعَلْ مَوْتي في بَلَدِ رَسولِكَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ).
وبالفعل استجاب الله تعالى دعاء الفاروق رضي الله عنه، ففي أحد الأيام تقدّم عمر بن الخطاب ليؤمّ الناس في صلاة الفجر كعادته، وما إن استوت الصفوف، وكبّر للصلاة، حتى بُغت بطعنةٍ غادرةٍ من المدعوّ أبو لؤلؤة المجوسي، ثم أخذ المجوسي يطعن المصلّين ميمنة وميسرة حتى أصاب ثلاثة عشر رجلاً، توفّي منهم سبعة، ولمّا ظنّ أنه مأخوذٌ نحر نفسه.
وصية عمر بن الخطاب قبل موته
لمّا أيقن الصحابة بموته -رضيَ الله عنه- طلبوا منه اختيار خليفةً للمُسلمين من بعده، فرشَّح لهم ستّة من الصّحابة وهم بقيّة العشرة المبشّرين بالجنّة، ليختاروا من بينهم واحداً، ولكنّهُ استبعد منهم ابن عَمّه سعيد بن زيد، كما استبعد أيضاً ابنه عبد الله.
ولمّا أيقن بِقُرب موته، وقال لابنه عبدُ الله أن يُحصي ما عليه من دَيْنٍ، فوجدها سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا، فطلب منه أن يسدّها من ماله ومن مال أهله، فإن لم تكفِ فمن مال عشيرته، فإن لم تكفِ فمن قُريش.
دفن عمر بن الخطاب
أمر عمر ابنه عبد الله أن يستأذن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بأن يُدفن بجوار صاحبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه، فأذنت له.
وكان استشهاده يوم الأربعاء، لأربع بقين من شهر ذي الحجة من العام الثالث والعشرين للهجرة.
نقش عمر بن الخطاب على خاتمه (كفى بالموت واعظاً يا عمر).. فكان أن عاشها وعاش لها
إنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه
..................................................................................
عثمان بن عفان:
هو ثالث الخلفاء الراشدين بعد أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، ومن العشرة المبشرين بالجنة ولد في مكة المكرمة عام 557 م بعد مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بست سنوات وبعد عام الفيل بست سنين، لقب بذي النورين و لقب بذلك بسبب زواجه من ابنتي الرسول صلى الله عليه وسلم رقية والسيدة أم كلثوم.
صفات عثمان بن عفان
عُرِف عثمان بن عفان بأخلاقه الحميدة حيث كان شديد الحياء، كريمًا، كثير الإنفاق في سبيل الله، وتقيًا، وطيب المعاملة ، ولين المعشر، كما كان عثمان رضي الله عنه، كان رجلاً ليس بالطويل ولا بالقصر، وكان أسمر اللون، حسن الوجه، أصلع، رقيق البشرة، كثَّ اللحية كثير شعر الرأس.
مكانة عثمان بن عفان في الجاهلية
كان عثمان بن عفان من أفضل الناس في قومه أيام الجاهلية، فكان قومه يحبونه أشد الحبّ كما أنه لم يسجد في الجاهلية لصنم قط ولم يقترف فاحشة قط ولم يشرب خمراً قبل الإسلام.
لقب عثمان بن عفان
لقب عثمان بن عفان بذي النورين، والمراد بالنورين ابنتا النبي صلى الله عليه وسلم “رقية” و”أم كلثوم” رضي الله عنهما؛ حيث زوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقية، وحين توفيت زوجه ابنته الثانية أم كلثوم رضي الله عنهما
اسلام عثمان بن عفان
استجاب عثمان بن عفان لدعوة أبو بكر الصديق له إلى الإسلام، فأسلم في سن الرابعة والثلاثين من عمره وكان بذلك أول الناس إسلامًا بعد أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة عثمان فكان بذلك رابع من أسلم من الرجال.
اسرة عثمان بن عفان
تزوج عثمان بن عفان ثماني زوجات بعد الإسلام وهنَّ: رقية وأم كلثوم ابنتا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاطمة بنت الوليد، كما تزوج من فاختة بنت غزوان، وأم البنين بنت عيينة، رملة بنت شيبة، نائلة بنت الفرافصة أنجب منهم عدداً من الأولاد والبنات.
ابناء عثمان بن عفان
عبد الله بن عثمان، وأمه رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم.
عبد الله الأصغر من فاختة بنت غزوان.
عمرو وخالد وأبان وعمر ومريم، وأمهم أم عمرو بنت جندب الأزدية .
الوليد وسعيد وأم سعد، وأمهم فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس.
عبد الملك وأمه أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزارية.
عائشة وأم أبان وأم عمرو وأمهنَّ رملة بنت شيبة بن ربيعة.
اسمها مريم وامها نائلة.
هجرة عثمان بن عفان إلى الحبشة
بعدما ضاقت الأحوال على المسلمين في مكة، أذن لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة في العام الخامس للهجرة، وكانوا عشرة رجال وأربع نسوة وهم: عثمان بن عفان، وامرأته رقية بنت رسول الله ﷺ، وأبو حذيفة بن عتبة، وامرأته سهلة بنت سهيل،
والزبير بن العوام، ومصعب بن عمير، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وامرأته أم سلمة بنت أبى أمية، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة العنزي، وامرأته ليلى بنت أبى حثمة، وأبو سبرة بن أبى رهم، وحاطب بن عمرو، وسهيل بن بيضاء، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين.
مساهمات عثمان بن عفان الاقتصادية في بناء الدولة
كان عثمان بن عفان صاحب تجارة ومن الأغنياء وكان يملك أموال طائلة و أستخدم تلك الأموال في طاعة الله عز وجل وكان سباقًا للخير لايخشى الفقر ومن الأمور الذي ساهم بها من ماله الخاص:
بئر رومة ( وقف عثمان بن عفان )
بعدما هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة لم يستسيغوا ماءها وكان بئر رومة من أعذب مياه الآبار في المدينة وكانوا يشربون منه بأجرٍ مدفوع و أرهقهم ذلك، وبعد ذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه على شراء البئر والتبرع به للمسلمين مقابل عين في الجنة فاشتراه عثمان بن عفان وجعل البئر وقفًا للمسلمين.
وقف عثمان بن عفان
توسعة المسجد النبوي
بعد بناء المسجد النبوي في المدينة صار المسلمون يجتمعون داخله في أوقات الصلوات وخطب الرسول كما كانوا يأتون إليه بهدف تعلم تعاليم دينهم و ينطلقون منه إلى الغزوات وبسبب ذلك ضاق المسجد بالناس فقرر الرسول شراء بقعة بجانب المسجد بهدف توسعته فاشتراها عثمان بن عفان وأضيفت للمسجد النبوي.
توسعة المسجد النبوي
تجهيز جيش العسرة
عندما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم الخروج إلى غزوة تبوك حث الأغنياء على البذل لتجهيز جيش العسرة الذي أعده الرسول لغزو الروم فقام الصحابة بالتبرع كل حسب طاقته وجهده أما عثمان فقد تبرع بنفقة عظيمة لم يتبرع أحد مثله.
عثمان بن عفان في عهد رسول الله
من الأحاديث التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في عثمان بن عفان:
اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء، وأبو بكر، وعمر وعثمان، وعلي وطلحة، والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إهدأ فما عليك إلا نبيُ أو صديقُ أو شهيدُ.
أصدقها حياءً عثمان
عن أنس بن مالك قال: أرحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أُبَيْ وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح
افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه
روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال : كنت مع النبي في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي صل الله عليه وسلم : افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو أبو بكر فبشرته بما قال رسول الله فحمد الله ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي : افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو عمر فأخبرته بما قال رسول الله فحمد الله ثم جاء رجل فاستفتح فقال لي : افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فإذا عثمان فأخبرته بما قال رسول الله فحمد الله ثم قال : الله المستعان.
عثمان بن عفان في عهد الخلفاء الراشدين
عثمان بن عفان في عهد أبي بكر الصديق
كان عثمان بن عفان من الصحابة الذي له شأن كبير بين أفراد قومه وكان له رأيُ و مشورى في الكثير من المسائل وأهمها خلافة أبو بكر واختيار عمر بن الخطاب خليفة بعده، حيث لما أشتد المرض بأبي بكر قام باستشارة الناس فيمن يحبون أن يقوم بأمر الخلافة بعده فاختاروا عمر كما أختار عثمان رضي الله عنه عمر بن الخطاب.
حظي عثمان بن عفان بمكانة متميزة في عهد عمر بن الخطاب وكان مقامه كمقام الوزير من الخليفة، كما أشار عثمان رضي الله عنه على عمر بفكرة الديوان وكتابة التاريخ كما جاء في بعض الروايات.
خلافة عثمان بن عفان
بعد مرض عمر بن الخطاب قام بترشيح ست أسماء للخلافة من بعده وهم: علي بن ابي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم جميعًا، وأمرهم أن يجتمعوا في بيت أحدهم ويتشاوروا فيما بينهم،
وفيهم عبد الله بن عمر يحضر معهم مشيراً فقط وفي حال عدم الرضى بما حكمه أمرهم بأن يكونوا مع الّذين فيهم عبد الرَّحمن بن عوف، ويصلِّي بالناس أثناء التَّشاور صهيب الرُّوميُّ، حتَّى لا يولِّي إمامة الصلاة أحداً من السِّتَّة، وأمر المقداد بن الأسود، وأبا طلحة الأنصاريَّ أن يرقبا سير الانتخابات، وبعد مشاورات دامت ثلاثة أيام تم أختيار عثمان بن عفان خليفة على المسلمين.
منهج عثمان بن عفان في الحكم
بعد تسلم عثمان بن عفان الخلافة خطب خطبتًا وأعلن فيها عن منهجه السياسي في إدارة الحكم ويمكن ذكرها على النحو التالي:
المرجعية العليا للدولة
أعلن ذو النورين أن المرجعية الأساسية لقيادة الدولة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم و الاقتداء بأبي بكر وعمر.
حق الأمة في محاكمة الخليفة
سلطة الخليفة ليست مطلقة وإنما مقيدة بعدم مخالفة ما جاء في القرآن الكريم والسنة وألا تخالف ما اتفقت عليه الأمة الإسلامية.
الشورى مع المسلمين
من قواعد الدولة الإسلامية حتمية تشاور قادة الدولة والمسلمين والوصول إلى حكم يرضي جميع الأطراف.
العدل والمساواة
من أهداف الحكم الإسلامي الحرص على إقامة قواعد النظام الإسلامي وأهم القواعد: العدل والمساواة حيث كانت سياسته قائمة على العدل بأسمى صوره.
الحريات
مبدأ الحرية من المبادئ الأساسية التي قام عليها الحكم في عهد الخلفاء الراشدين والذي يحث على تأمين وكفالة الحرية العامة للناس كافة ضمن حدود الشريعة الإسلامية.
جمع القرآن الكريم في عهد عثمان بن عفان
المراحل التي مرت بها كتابة القرآن الكريم
في العهد النبوي
اكتمل نزول القرآن الكريم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه لم يُجمع في مصحف واحد في عهده، وكان الصحابة يكتبون ما ينقله الرسول لهم من آيات وسور قرأنية.
في عهد أبي بكر الصديق
في عهد أبو بكر استشهد خمسمائة حافظ للقرآن في معركة اليمامة فقرر الخليفة ابو بكر جمع الآيات والسور في كتاب موحد، حرصًا منه على حفظ القرآن من الضياع، فأوكل مهمة كتابة القرآن وجمعه إلى زيد بن ثابت بشرط وجود شاهدين لكل آية يتم كتابتها وبذلك تم نقل الآيات بعناية وحذر.
في عهد عثمان بن عفان
قرر الخليفة عثمان إعادة توحيد المسلمين على مصحف واحد (المصحف الإمام) بسبب انتشار الكثير من النسخ المكتوبة والمنقولة بشكل خاطئ مما أدى إلى وقوع خلافات بين الناس على المصحف الصحيح وتم طباعة ستة نسخ وتوزيع نسخة لكل دولة وهم، افريقيا، ومصر، الشام، العراق، بلاد فارس ونسخة بقيت لدى عثمان بن عفان، وأمر بحرق جميع النسخ الأخرى الموجودة مع الناس بهدف التأكد من عدم وجود أي نسخ خاطئة من القرآن الكريم.
أهم الفتوحات التي حصلت في عهد عثمان بن عفان
قسم عثمان الجبهات العسكرية إلى ثلاثة أقسام
الجبهة الشرقية: حصل العديد من الفتوحات في هذه الجبهة وتم تقسيمها الى معسكرين وهما، معسكر البصرى و معسكر الكوفة، ومن الفتوحات التي حصلت فيها فتوحات أهل الكوفة، وغزو سعيد بن العاص طبرستان.
الجبهة الشمالية: مركزها دمشق ومنها ينطلق المسلمون لقتال الروم، حصل فيها العديد من الفتوحات كـ فتوحات حبيب بن مسلمة الفهري وغزو القبرص.
الجبهة الغربية: مركزها مدينة الفسطاط و التي بناها عمرو بن العاص، وحالياً هي مدينة مصر، من الفتوحات التي حصلت فيها، فتح بلاد النوبة، وفتح إفريقيا.
الفتنة التي حصلت ضد عثمان بن عفان
الشبهات التي طعن بها عثمان
استلم عثمان الحكم اثنتي عشرة سنة أميراً للمؤمنين، أول ست سنين منها لم ينقم الناس على عثمان بشيء لكن في النصف الثاني من ولايته بدأت الفتنة، وبدأت الدعاوى تروج ضده ويمكن تقسيم الشبهات التي وجهت لعثمان على النحو التالي:
مواقف شخصية له قبل توليه الخلافة كـ تغيبه عن بعض الغزوات والمواقع ..
سياسته المالية: الأعطيات..
سياسته الإدارية: تولية أقربائه، طريقته في التولية..
اجتهادات خاصة به، أو بمصلحة الأمة كـ إتمام الصلاة بمنى، جمع القرآن، الزيادة في المسجد..
معاملته لبعض الصحابة كـ عمار و أبي ذر وابن مسعود..
استشهاد عثمان بن عفان
نشبت فتنة في النصف الثاني من خلافة عثمان بن عفان، وقُتل ظلماً على إثرها في اليوم الثامن عشر، من ذي الحِجّة، من السنة الخامسة والثلاثين للهجرة، بعدما مُنِع الطعام والشراب عنه وتم حصاره وقتله في منزله، وبعد وفاته حزن الصحابة والصحابيات حزناً شديداً عليه ومنهم، السيدة عائشة وعلي بن أبي طالب رضوان الله عليهم
...................................................................
علي بن أبي طالب:
هو: عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبدمناف ابن قصي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولد قبل البعثة المحمدية بعشر سنوات تقريبًا، وتربى في حجر الرسول "صلي الله عليه وسلم"، وسبب ذلك ما أصاب مكة من مجاعة؛ حيث كان أبوه أبوطالب كثير العيال فأحب العباس أخوه - وكان ميسور الحال - ورسول الله "صلي الله عليه وسلم" أن يساعداه، وأن يتحملا عنه فأخذ كل واحد منهما ولداَ من أولاده وكان من نصيب عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن يكون في ولاية الرسول "صلي الله عليه وسلم".
راية المهتدين، ونور المطيعين، وأقدمهم إيمانا، وزوج فاطمة بنت رسول الله "صلي الله عليه وسلم".
وعن سعد بن أبي وقاص، أن النبي "صلي الله عليه وسلم" قال لعليّ: "أنت مني بمنزلة هارون من موسي، إلا أنه لا نبي بعدي"
فهو خير شباب قومه وأكثرهم جرأه وإقداما وقد كان من السابقين إلى الإسلام مع صغر سّنه.
الموقف الأول يوم الهجرة النبوية
وما فعله عليّ بن أبي طالب في الهجرة النبوية الشريفة حينما طلب منه النبي أن ينام مكانه في فراشه لكي يرُد الأمانات إلي أصحابها أبدى استعداده والتحف بردتُه ونام مكانه رغم أنه يعلم بالمخاطرة، ولما حاصر زعماء مكة بيت النبي "صلي الله عليه وسلم" يُرِيدون قتله، أعمى الله عز وجل أبصارهم وخرج من بينهم آمن وكاد القوم أن يقتلوا عليًا ظن منهم أنه النبي عليه الصلاة والسلام ولما تفاجئوا بوجود عليَ اشتد غضبهم قال أحد هم: قسم لأقلتن عليّ إلا أن رد عليه آخر وقال: لو كان لنا ألف حُجة لقتل محمد ما حُجتنا لقتل عليّ، ثم انصرفوا يبحثون عن النبي "صلي الله عليه وسلم".
الموقف الثاني يوم بدر
في بداية غزوة بدر برز من المشركين عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، فخرج للقائم فتية من الأنصار، فنادوا: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال النبي "صلي الله عليه وسلم":
"قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا حمزة، قم يا عليّ"، فبارز عبيدةُ عتبة، وبارز حمزةُ شيبة، وبارز عليَ الوليد.
فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وكذلك فعل عليَ مع خصمه، وأما عبيدة وعتبة، فقد جرح كلاهما الآخر، فَكَرّ حمزة وعلي بسيفيهما علي عتبة فأجهزا عليه، وحملا صاحبهما.
الموقف الثالث يوم الخندق
خرج عمرو بن عبد ودَ وكان فارس مغوارًا، وهو مقنع بالحديد أي مستتر، فنادى: من يبارز؟ فقام عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، فقال: أنا له يا نبيَّ الله، فقال "صلي الله عليه وسلم": إنه عمرو، اجلس"
ثم نادي عمرو: ألا رجل يُبارزني؟ فجعل يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قُتل منكم دخلها؟ أفلا تبرزون إليّ رجل؟ فقام عليّ رضي الله عنه، فقال أنا يا رسول الله، فقال "صلي الله عليه وسلم": "اجلس"، ثم نادي الثالثة، فقال: فذكر شعر.. قال: فقام عليّ رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، أنا فقال إنه "عمرو بن عبدودّ"
فقال: وان كان عمر، فأذنَ له رسول الله "صلي الله عليه وسلم" فمشى إليه حتى أتي وهو يقول:
لا تعجلنَ فقد أتاك .. مُجيب صوتك غير عاجز
في نية وبصيرة .. الصدق مُنجي كل فائز
إني لأرجو أن أقيم .. عليك نائحة الجنائز
فقال له عمرو: من أنت؟ قال أنا عليّ، قال: بن عبدمناف؟
قال: أنا عليّ بن أبي طالب، فقال: يا ابن أخي من أعمامِك من هو أسن منك، فاني أكره أُريق دمُك، فقال له عليّ: لكن والله، لا أكره أن أُريق دمُك، فغضِبَ فنزل، وسل سيفهُ كأنهُ شعلة نار، ثم أقبل نحو عليّ، رضي الله عنه، مُغضب، واستقبله عليّ بخوذتهُ، فضربه عمرو في خوذتهُ فقدّها، وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، وضربهُ عليّ على حبل عاتقه (موضع الرداء من العنق) فسقط عمرو وثار الغبار، وسمع رسول الله "صلي الله عليه وسلم" التكبير، فعرفنا أن علي قد قتله ثم أقبل عليّ رضي الله عنه نحو رسول الله "صلي الله عليه وسلم" ووجهه يتهلل، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه هل أخذت منه درعه؟ فإنه ليس للعرب درع خير منها؟ قال: ضربته فاستقبلني بعورتهِ، فاستحييت ابن عمي أن أخذه منه.
يوم خيبر
كانت الراية مع عليّ بن أبي طالب، وتحصن اليهود ولما بدأ لقتال بين المسلمين واليهود، شن المسلمون هجومهم على الحصون فبدأت تنهار تحت وطأتهم حصن بعد حصن، وخرج من الحصون فارس يهودي يُدعي مرحب فنادى المسلمون: من يبارز؟ فضرب علي مرحباُ ففلق رأسه، وكان الفتح، وسقطت كل الحصون وانتصر المسلمون.
علمه
أخرج ابن سعد، عن عليَ رضي الله عنه، قال: "والله ما نزلت آية إلا وقد علمتُ فيمَ نَزلت، وأين نَزلت، وعلى من نَزلت، إن ربي وهبَ لي قلب عقول، ولسان صادق ناطق، هكذا كان علي بن أبي طالب بطل شجاعًا، عالم زاهد.
استشهاده
وبعد رحلة مباركة قضاها عليّ في الإسلام مدافعا عنه أُستشهد ورسول الله عنه رضيٍ، بعد أن قتله عبد الرحمن ابن مُلجم عليه من الله ما يستحق، وغسله ابناه الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر، وصلى عليه الحسن رضي الله عنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق