.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

المستشار حمودة نصار يكتب: مصير الأمم بين الفكرة والإشاعة


هى الأفكار حين تكون وليدة لنخبة من الأدباء والمفكرين، يطلقونها فى زمانهم، ومن ثم تحط لأصحابها من أقرانهم المبدعين، فى زمان آخر أو مكان آخر، لما يستلهمون منها وسيلة الخلاص والانعتاق من الهزيمة إلى النصر .. أما الإشاعة فهى الضد والمقابل للأفكار، وقد تكون الإشاعة وسيلة تطلقها الدول عبر أجهزتها المخابراتية لتدمير دول أخرى، فالإشاعة مصدرها عدو يستهدف قطراً أو بلداً حين يطلق الإشاعة فى مكان ما يُراد تدميره، ومن ثم تلتقطها جموع العامة ويرددونها من دون وعى ، فالفكرة هى كلمة السر فى نهوض الأمم ، والإشاعة هى كلمة السر فى تدمير الخصم ، وما سقط الكثير من الأمم إلا جراء إشاعات، أطلقها أعداؤهم، فصادفت صدى لدى ضعاف النفوس والعقول والدهماء، فتحولت من شائعات لا أصل لها، إلى أخيلة وتصورات تؤلب المجتمع من الداخل، فإذا بالفتنة تعربد فى جنباته ، وما الفتنة إلا شظايا متطايرة إثر انفجار إشاعة هنا أو هناك، وحين تضرب الفتنة داخل الوطن لا تجد من يتصدى لها سوى عقلاء القوم ومن هم للفتنة وائدون، فتشخص الفكرة فى عنوان يتمحورحوله حشد المقاومين المتطوعين للخلاص، ويحدثنا التاريخ عن تدمير وسقوط كثير من الأمم بفعل الشائعات، فقد حشد الأمريكان العالم كله ضد العراق بإشاعة أطلقوها ـ أسلحة الدمار الشامل ـ وشرعنوا بها إسقاط العراق ، وما سقطت بغداد إلا بإشاعة أطلقتها قناة الجزيرة الصهيوأمريكية، ساعة إعلانها زورا وكذبا سقوط بغداد، قبل أن تسقط بالفعل، فانهارت معنويات الجيش العراقى، وتفتتت قواه وخارت، ودب الشك فى قيادته بعضهم البعض، قبل أن يدخل المعركة، رغم صموده فى الدفاع عن الفالوجة ومطار بغداد الذى أربك الحلفاء .
فما أحوجنا اليوم للفكرة إزاء حملة الإشاعات التى يطلقها الأعداء علينا من كل صوب وحدب، لصد تلك الحملات المتتالية، تلك التى تتربص بنا ، فلا مناص لنا سوى من الثبات وألا نيأس، وليكن يقيننا بأن النصر حليفنا لا محالة ،على ألا نسلم أسماعنا لتلك الشائعات التى لن تنتهى، ولنكن على بصيرة من أمرنا أننا قد قطعنا الشوط الأعظم من حربنا مع المؤامرة، ولم يبق إلا القليل الذى يعوزه الثبات والتفاؤل واليقين . قال تعالى { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178) مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } (سورة آل عمران 173 - 179)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق