التفاهة هي انعدام القيمة والأصالة في الفكر أو القول أو الفعل، وتتمثل في السطحية والابتذال الفكري، وغياب الجدية، والانشغال بما لا نفع فيه، و تُعد هذه الظاهرة نمطًا ثقافيًا يقدّم المحتوى الترفيهي السطحي على حساب الأمور الهادفة والعميقة . هذا هو تعريفها البسيط ، حيث انتشرت هذه الظاهرة ، و اكتسحت المواقع و الصفحات ، و غطت على الجدية و كل ما له صلة بالقيم و الأخلاق و الرقي .
و قد يتبادر للذهن منذ الوهلة الأولى أن الموضوع مسؤولية شريحة معينة من المجتمع دون غيرها ، لكن الحقيقة تقول غير ذلك ، كلما ينتشر على مسمع و مرأى منا هو بسببنا جميعا ، بسبب المجتمع الذي يلتزم الصمت دون أن يبلغ عما يراه لا يليق بالانتشار بل حتى بالمشاهدة . الموضوع يحتاج الى دراسة اجتماعية و نفسية معمقة و بجدية كبيرة ، ليس هذا هدفي من خلال هذا الكلام المختصر ، لكن تسليط الضوء على بعض الأمور التي لا نلقي لها بالا إما بسبب التملص من المسؤولية ، أو بسبب عدم الانتباه إلى خطورة الأمر حينما يكون في بدايته ، و التي من السهل جدا القضاء عليها ، تلك البدايات التي تبدأ مثل كرة صغيرة من الثلج ما تلبث تكبر و تتضخم إلى أن تصبح كارثة حقيقية تهدد الجميع .
من منا قام يوما بالتبليغ عن أمور غير أخلاقية ، صادفته و هو يتصفح أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي ؟ من يتوقف فورا عن مواصلة المشاهدة لما هو مناف لأخلاق و قيم مجتمعاتنا ، من المحتمل و ربما من المؤكد أن من نتبرأ منهم حاليا بعدما تم إلقاء القبض عليهم ، كنا من متابعيهم يوما ما ، لا أقصد التعميم ، لكن المشكلة واضحة وضوح الشمس في وضح النهار .
لولا عدد المشاهدات و المتابعات التي كانت تنالها تلك القنوات - قنوات أشبه ما تكون بقنوات الصرف الصحي ، تنشر العفن و القذارة و التخلف- ما أصبح صداها عاليا تجاوز مسامعنا و أنظارنا .
هي مسؤولية مشتركة بين من يصنع المحتوى و يبثه ، و بين من يشاهده و يتابعه ، بل أحيانا يصبح مدمنا عليه . هذه هي المشكلة حتى و لم تتم محاسبة الجميع ، لكننا نعلم أن لكل منا رقيب داخلي و رقيب أعلى و أعلم .
و هذه مسؤولية و متابعة لن ننجو منها مهما حاولنا . منا من سيحمل المسؤولية للسلطات ، لكن أين هو دورنا نحن كمواطنبن و كمتفاعلين مع ما لا بستحق و متابعين له ، بل و مساهمين فيه بالدعم حتى و لو كان مجرد دعم معنوي .
هنا تتجلى مسؤولية كل المجتمعات التي تغض النظر و تتجاهل أمورا تراها بسيطة و تافهة لكنها تصبح فيما بعد خطرا شنيعا يهددنا جميعا في عقر بيوتنا و أسرنا و مجتمعاتنا .
التفاهة لن تتوقف طالما تجلب المشاهدات و الأموال الطائلة . و نحن المسؤولون الوحيدون عن انتشارها ، و أيضا عن توقفها و اختفائها .
هنا تتجلى مسؤولية كل المجتمعات التي تغض النظر و تتجاهل أمورا تراها بسيطة و تافهة لكنها تصبح فيما بعد خطرا شنيعا يهددنا جميعا في عقر بيوتنا و أسرنا و مجتمعاتنا .
التفاهة لن تتوقف طالما تجلب المشاهدات و الأموال الطائلة . و نحن المسؤولون الوحيدون عن انتشارها ، و أيضا عن توقفها و اختفائها .
