وما زال العمر يجرى .. بقلم/ ياسر زكي

ها هي الدنيا، وها نحن فيها كعابر سبيل، وها هي أعمارنا كسحاب في السماء، ثم تمر عليها رياح عاتية، فالسحاب يتنقل في الفضاء دون أن يترك أثراً، لذا ينبغي عليك أن تترك لنفسك أثراً جميلاً قبل أن تمر. لذلك، يجب على المسلم أن يستعد للرحيل في أي لحظة، فلا تؤجل عملاً صالحاً إلى اليوم التالي أو إلى الغد.

تمر أعمارنا سريعاً كسراب من الماء في صحراء جرداء ، فلا نتركها تمر دون أن تترك أثراً طيباً، وأعمالاً حسنة تكون لنا ذخراً في الآخرة.
"""تتجلى تشابه الأيام والأحداث التي تتوالى أمام أعيننا، مما يبعث فينا شعوراً بأن الزمن يمر بسرعة. كلما تقدم الإنسان في العمر، تصبح السنة بالنسبة له جزءاً أصغر من حياته، مما يجعلها تبدو أقصر وأسرع في الانقضاء. وقد نلاحظ بروز الشيب أو نشعر بآلام متزايدة، ونصبح أكثر تقبلاً للأحداث، ونشعر أننا قد أصبحنا أقرب إلى شخصياتنا في مراحل متقدمة من الحياة، في حين أننا نعيش شعوراً بأن أرواحنا لا تزال صغيرة.
إنه من الضروري على كل إنسان عاقل أن يسعى لتحقيق توازن بين حياته الدنيوية وعمله للآخرة، فالتوازن يعني أن الدنيا والآخرة في تناغم وتكامل. إن العمل في هذه الحياة يُفضي إلى استدامة النعم في الآخرة. فالعمل عبادة إذا أُخلصت النية فيه لوجه الله، والعمارة الدنيوية تُعتبر ضرورية من أجل غاية أسمى.
التوازن في الحياة الدنيا والعمل للآخرة يتطلب السعي نحو تحقيق مصالح الدنيا دون التفريط في الواجبات الدينية. حيث يرى الإسلام أن الدنيا ليست سوى وسيلة وسبيل للآخرة، وليست غاية في حد ذاتها. يشمل ذلك الجمع بين العمل الصالح والاستمتاع بالحلول المباحة، وعدم الانغماس في الملذات المحرمة، مع استشعار أن الآخرة خير وأبقى. وإذا استندنا إلى ذلك من منظور ديني، كما جاء في قوله تعالى: "وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون
هذه حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة، أما حقيقة الدنيا فإنها لعب ولهو، لعب في الأبدان ولهو في القلوب، فالقلوب لها والهة، والنفوس لها عاشقة، والهموم فيها متعلقة، والاشتغال بها كلعب الصبيان.
وأما الآخرة، فإنها { خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } في ذاتها وصفاتها، وبقائها ودوامها، وفيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، من نعيم القلوب والأرواح، وكثرة السرور والأفراح، ولكنها ليست لكل أحد، وإنما هي للمتقين الذين يفعلون أوامر الله، ويتركون نواهيه وزواجره { أَفَلَا تَعْقِلُونَ }- أي: أفلا يكون لكم عقول، بها تدركون، أيّ الدارين أحق بالإيثار. .
تعليقات