
أطفات نور المصباح و وضعت رأسي على الوسادة أرجو نوما هادئا بعد يوم لم آخذ فيه قيلولتي كالعادة ، كنت في بداية غفوتي حينما أحسست بالسرير يهتز تحت جسدي وكأنه موصول بجهاز هزاز ، قمت بسرعة أنرت المصباح ، كل شيء في الغرفة يرقص : الجدران من حولي ، البلاط تحت قدمي ، زجاج النوافذ يضيف صوته و رنينه لرقصة الغرفة التي لا تود التوقف ، أصابني الرعب وعلمت أنه الزلزال ، توقف تفكيري ، لم أعد أدرك ما علي القيام به أو الامتناع عن عمله ، رجفة كل شي أمام عيني شلت تفكيري لثوان ، لم أستطع فعل شيء سوى ترديد " يا رب سلم " كنت أرددها كتعويذة تهون علي هول ما رأته عيناي ، كنت أنتظر انهيار الجدران أمام عيني ، حتى الثريا في سقف الهول كانت منسجمة مع الجو العام لتلك الليلة روحة و مجيئا ، ليلة 09\09\2023 ، تاريخ غريب غربة ليلتي التي لن أنساها ، وحدي هناك كنت أقاوم الخوف ، مثلما تعودت أن أتجاوز كل شيء بتوكلي على ربي و استعانتي به .
و بعد حوالي دقيقة تماما و_ما أصعب الدقيقة بل ما أصعب الثانية في الأوقات العصيبة_ أطلبهم على هاتفي و لا أحد يرد على الطرف الآخر من الهاتف ، و كأن الخطوط قطعت جميعها ، أحاول و أحاول و فجأة توقفت الهزة و هدأ كل شيء ، فتحت النافذة لأرى ما يجري في الخارج ، كان نباح الكلاب يملأ صمت الليل المظلم في ذلك المكان على بضع كيلوميترات قليلة من وسط المدينة ، تمالكت نفسي بعد هدوء البيت و استسلامه للصمت و الثبات .. ولا يزال ذلك الطنين المرعب يتردد في صدري .. حاولت مرة أخرى أن اكلمهم ، أكلم أي أحد من أفراد عائلتي أطمئن عليهم و أطمئنهم علي ، و فعلا تكلمنا و كان كل منا يفصح عن مدى رعبه و فزعه مما حدث .
أحسست ببعض السكينة و الأمان ، هيات نفسي للخروج بسرعة الخائف الملهوف ثم خرجت أجوب المدينة بسيارتي أتفقد الأحوال خارج جدران بيتي الذي تدثر بالخوف ، و أستأنس بمن هم في مثل حالي خائفين و ربما وحيدين .
وجدت تجمعات هنا و هناك ، أطفالا في ذهول وخوف ، سيارات واقفة و بالداخل أصحابها ، أناسا واقفين و آخرين جالسين على كراسي جلبوها من بيوتهم لعلهم يحتاجون لها .
وبعد مدة رأيت ألا فائدة للهرب من البيت ؛ فأنا لا أحرس عمري ، و لن أموت قبل أجلي المحتوم ، و لا يمكن لي البقاء لوقت أطول هناك.
عدت للبيت و قاومت خوفي و هلعي ، فصورة ارتجاف كل شيء أمام عيني لا تود أن ترحل من بين جفوني و تختفي .
ورغم ذلك هدأت من روعي و قد أسلمت أمري بيد خالقي وقرأت اذكار النوم ، ثم استسلمت له و كلي إيمان و يقين بأن الغد سيكون أفضل و أهدأ.