.post-outer {-webkit-touch-callout:none; -webkit-user-select:none; -khtml-user-select:none; -ms-user-select:none; -moz-user-select:none;}

بحث

من قال اننا نعيش حياة واحدة ؟ بقلم د.نجية الشياظمي



نعيش كل يوم أكثر من مرة بل مرات و مرات ، غير أننا لا ندرك ذلك ، ففي كل موقف جديد ، حياة جديدة نعيشها و نتعلم منها ، أحاسيس لم نتعود عليها تعترينا ، دروس لم نتعرض لها سابقا تقوينا .
من فرط انفصالنا عن اللحظة ، تصبح كل دقائق العمر تكرارا و روتينا يشبه ما سبقه من أيام و ساعات و دقائق . فيمل الإنسان من حياته و يكرهها لأنه لا يجد فيها ما يثيره من جديد لعيشها
و ما يشد انتباهه و فضوله و شغفه لها ، فيمضي العمر هدرا و كأنه يعيش يوما واحدا متكررا ، و يتفاقم ذلك من فرط التركيز على ما يؤذي أكثر مما يسعد و يبهج القلب . هكذا يؤذينا قانون التركيز حينما لا نوظفه فيما يفيدنا و يغنينا ، نركز على شيء سلبي فنلغي ما قبله من إيجابيات ثم نقوم بتعميم التجربة على باقي الأحداث . و يصبح كل شيء سلبيا في نظرنا ، و لا أثر للإيجابية فيه ، قوانين كثيرة و دقيقة تحكمنا لكن عدم وعينا بها يجعلنا نتجاهلها ، و نتجاهل التعامل معها ، و قد نعيش الكثير من الأمثلة من هذا النوع .
فعلى سبيل المثال قد تقدم الزوجة القهوة لزوجها ، لكن لسوء حظها يقع الفنجان أرضا بدل أن يمسكه منها ، فينقلب اليوم إلى حرب أو معركة ضروس ، و تنقلب الوجوه من ملامح محبة و عاشقة إلى وجوه عبوسة و متجهمة ، لا لسبب سوى ذلك الموقف البسيط و الذي تم تركيز الطرفين عليه و ربما طرف واحد ، لكن النتيجة واحدة ، مادام ذلك الجو الودي و الهادئ الذي كان يسود تغير إلى جو كئيب و بئيس . أصبح الزوج فيه لا يرى و لا يتذكر إلا كل سيء عاشه في حياته مع تلك الزوجة ، و قد تفكر الزوجة أيضا بنفس المنطق ، فلا ترى في زوجها في تلك اللحظة و من خلال ذلك الموقف ، إلا الجحود و نكران الفضل ، و القسوة وكل ما لا يروق لها ، فقط لأن كلا الطرفين تذكرا و ركزا على ما هو سلبي في الطرف الآخر ، و دون وعي بذلك ، لأنهما تركا نفسيهما ينجران و ينجرفان وراء التفكير التلقائي المألوف و الذي لا يحتاج إلى أي اجتهاد أو محاولة للتوقف مع النفس بغية التحدث معها و التساؤل عن مدى صحة و جدوى ما يتم من سلوك و تصرف . 
هكذا تقضي علينا تصرفاتها و سلوكياتنا التي تكيفنا عليها  فأصبحت جاهزة للاستعمال في كل موقف لا يروق لنا .
التفكير الجاهز عبارة عن ملفات جاهزة تنتظر منا أن نأخذها من الأدراج و نستعملها تلقائيا ، فقد أصبحت هي الحل المناسب لكل موقف لا نود أن نُتعب فيه أنفسنا من أجل البحث عن حلول و سلوكيات جديدة أفضل و أنجع و أنجح. 
هي ليست حياة واحدة ، هي مجموعة حيوات لا متناهية تتعدد بعدد المواقف الجديدة التي تمتحننا و تختبرنا و تعلمنا 
و من لا يعي هذا يضيع حياته في بضعة أيام فقط لا غير .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق