قلوبنا هي أغلى ما نملك و من الواجب ألا نجعلها حقول تجارب للآخرين ، القلب هو أثمن و أغلى عضو في الجسد بدليل أن عليه يعتمد صلاح الجسد أو فساده ، هو المضغة التي تبكي و تفرح ، تسعد و تحزن ، و أكثر ما يدمر قلوبنا الحزن و الهم ، و أكثر ما يحزنها تلك الصدمات التي تلكمنا بها الحياة ، أو بالأحرى يصفعنا بها أولئك الذين لا يملكون ذرة من الشهامة و لا النزاهة ، فيتقمصون الأدوار البريئة ، و النقية الطاهرة ، رغبة في استكشاف خبايا القلوب و التمكن منها ، لأغراض تافهة أكثر ما يقال عنها مادية بحتة لا مشاعر فيها و لا أحاسيس ، و كأنهم في مختبر للتجارب يودون أن يثبتوا جدوى تركيباتهم المزيفة في اختراق مشاعر الآخرين و امتلاكها ، و في نفس الوقت أن يبرهنوا لأنفسهم أنهم قادرين على استمالة الآخرين و إغرائهم . لكنهم لا يعلمون أن تلك القلوب المرهفة يسكنها و يرعاها و يحميها خالقها ، فما يلبثوا أن ينكشفوا و تسقط أقنعتهم المشوهة فيظهرون في أبشع صور و أقبحها ، تتلاشى كل تلك الملامح المزورة ، و يحل محلها ملامح الوحشية الناعمة ، تلك الوحشية التي تنهش بلطف و رقة و أناقة .
قد يكونون معذورين لأنهم ألفوا لعب تلك الأدوار ، و قد تكون تلك رسالتهم في الحياة ، و قد هيأتهم ليكونوا سبيلا إلى أن يتعلم الكثيرون منهم ما لم يسبق لهم تعلمه من دروس هذه الحياة القاسية ، قد نلتمس لهم كل الأعذار ...لكن علينا أن نوجه أصابع الاتهام إلى أنفسنا أولا ، فنحن المسؤولون عن فتح تلك الصناديق الذهبية ، عن فتح قلوبنا فنجعلها حقول تجارب لتلك النفوس الضعيفة ، و لا يمكن أن يقال عنها أكثر من هذا ، فهي أشد ضعفا مما نتخيل ، لأن القوة لا يمكن أن تتجلى أبدا في استغلال الآخرين و ابتزازهم بجميع الأشكال . قلوبنا أكثر قيمة و رقي من هذا ، قلوبنا ملكنا نحن و لا حق لأحد في أن يقترب منها و يخترقها مهما كانت الأسباب ، لكننا ننسى أننا لا نعيش وسط أناس يشبهونا كي يستحقوا ثقتنا ، لذلك نحن ننجرف للكلمات الرقيقة ، للأساليب الناعمة و الملتوية .
لكن في النهاية ما تلبث كل الخفايا و النوايا الدنيئة أن تنكشف و تظهر على حقيقتها ، لأن النقاء و الخبث لا يمكن أن يجتمعا و ينسجما مع بعضهما فهما يشبهان الماء و الزيت هذا الخليط الذي لا يمكن أن يندمج و ينصهر و يختلط ببعضه البعض حتى و لو بقينا في محاولة القيام بذلك كل العمر و السنين ، لأنهما يختلفان عن بعضهما في كل شيء ما يجعلهما ينفصلان في اي وقت من الأوقات مهما كان حرصنا على ألا يتم ذلك ، لكن الحق و الحقيقة في النهاية لا بد و أن تعلو و لا يعلى عليها مهما تعددت أساليب المكر و الدهاء ، لأن الله خير الماكرين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق